Tuesday, April 20, 2010

..عَلَى طَرِيقَةِ بُرُوْتَس
     حنـان شافعـي


إِلَيَّ
وَحْدِي
أَتَمَرَدُ
وَأُجَرِّبُ
وَأَيْضًا أَدْفَعُ الثَّمَنَ.


فِي الاتِّجَاهِ المُعَاكِسِ
( 1 )

أَشْيَاءٌ كَثِيْرَةٌ لا أَجِدُ مُبَرِّرًا لِحُدُوثِهَا
مَثَلاً..
أَبِي وَأُمِّي اللّذَانِ أَشُكُّ فِي عَلاقَتِي بِهِمَا
الأَنْيَابُ الَّتِي دَائمًا تَنْتَظِرُ كَبْوَتِي
أَصْدِقَائِيَ الَّذِينَ يَحْقِدُونَ عَلَيَّ
وَمَجِيئِيَ إِلَى الدَّنْيَا.

( 2 )

كُلُّ هَذَا لا يُعْطِيهَا الحَقَّ
فِي رَسْمِ خَرِيْطَةٍ جَدِيْدَةٍ للعَالَمِ،
أَوْ وَضْعِ خُطَّةٍ رُومَانْسِيَّةٍ
لِقَضَاءِ يَوْمَيْنِ
فِي الغَابَاتِ الاسْتِوَائِيَّة.

فِي الصَّبَاحِ..
تَشْرَبُ اللَّبَنَ مِنْ يَدَيْهِ مُبَاشَرَةً
دُونَ الحَاجَةِ إِلَى كُوبْ.
يُغَنِّي لَهَا..
"طِلْعِتْ يَا مَحْلَى نُورْهَا.."،
يَحْمِلُهَا عَلَى ظَهْرِهِ،
تَتَخَفَّى مِنْهُ خَلْفَ الأَشْجَارِ الْكَثِيفَةِ،
يَضُمُّهَا بِذِرَاعَيْهِ الْمُرْهَقَتَيْنْ،
يُعَلِّمُهَا..
كَيْفَ تَقِفُ أَمَامَ الْكَامِيرَا،
كَيْفَ تَمْشِي مَرْفُوعَةَ الرَّأْسِ،
وَكَيْفَ تَقُولُ: Merci
ثُمَّ..
كَيْفَ تَعْتَرِفُ بِحُبِّهِ دُونَ أَنْ تَدْرِي.

فِي المَسَاءِ..
تُطْفِئُ كُلَّ الأَضْوَاءِ،
تُشْعِلُ نِيرَانَ أَنْفَاسِهَا؛
لِتُعِيدَ الدِفْءَ إِلَى شَرَايينِهِ.
هِي تَعْلَمُ جَيِّدًا
فَشَلَ كُلِّ كُتُبِ الفَلْسَفَةِ
فِي الإِجَابَةِ عَلَى تَسَاؤُلاتِه،
وَفَشَلَهُ فِي الوُقُوفِ عَلَى المَسْرَحِ طَوِيلاً.

( 3 )

رَغْمَ ذَلِكَ..
أُقَاوِمُ رَغْبَتِي فِي التَبَرُّؤِ
مِنْ كُلِّ الَّذِينَ أَعْرِفُهُمْ،
وَرَغْبَتِي فِـي التَّرَدُّدِ مَعَهُ
عَلَى صَالاتِ الدِّيسْكُو،
وَالجَرْيِ خَلْفَهُ فِي شَوَارِعِ المَدِينَةِ،
وَفِي الاتِّجَاهِ المُعَاكِسِ،
وَأَسْتَسْلِمُ لِعَجْزِي
عَنْ تَرْكِ يَدَيَّ فِي يَدَيْهِ
حَتَّى لَوْ اعْتَرَفَ
أَنَّ أَصَابِعِي رَشِيقَةٌ
تَصْلُحُ
لِلْعَزْفِ عَلَى البِيَانُو.
بَحْثًا عَنْ مَنْطِقٍ لِلْهُرُوبِ



خَلْفَ أَسْوَارِ الأُوبِرَا المُتَعَجْرِفَةِ
حَيْثُ الأَشْيَاءُ
مُتَحَضِّرَةً إِلَى دَرَجَةِ المَوْتِ.
يَتَبَادَلُون أحاديثَ "مُجففةً"
حول الترجمةِ،
وأنا
أَتَصَنَّعُ الاسْتِمْتَاعَ بِمَهَارَةٍ عَالِيَةٍ جِدًّا.
.................................
يَقْتَرِحُ عَلَيَّ الانْفِلاتَ مِنْ دَائِرَةِ المَأْلُوفِ.
مَثَلاً..
تَقْبِيَلُهُ دُونَ الالتِفَاتِ
إِلَى أَعْيُنِ الكَامِيرَا الـمُتَسَلِّطَـةِ،
أَوْ تَجَاهُلُ كُلِّ رَابِطَاتِ العُنُقِ الأنيقةِ،
وَتَنَاوُلُ طَبَقٍ مِنَ الكُـشَرِي فِي مَطْعَمٍ صَاخِبْ.
...................................
كُوبْرِي قَصْرِ النِّيلِ
مُمْتَنٌّ جِدًّا لاسْتِقْبَالِي،
وَالجَوُّ مُهَيَّأٌ تَمَامًا
لِمُمَارَسَةِ التَّمَرُّدْ..
فَوْضَى العَاصِمَةِ،
سُخْرِيَةُ الشِّتَاءِ،
طُلاَّبُ الجَامِعَةِ الأَمْرِيكِيَّةِ
يَتَحَرَّكُونَ بِمُرُونَةٍ أَكْثَرَ مِنَ اللاَّزِمِ،
بَيْنَمَا يَبْحَثُ الآَخَرُونَ
عَنْ فُرْصَةٍ للانْكِمَاشْ.
أَبْدُو وَاثِقَةً مِنْ نَفْسِي تَحْتَ الأَمْطَارِ
وَكَأَنَّنِي مُعْتَادَةٌ عَلَى السَّيْرِ
فِي شَوَارِعَ لَنْدَنْ البَارِدَةْ.
يُحَدِّثُنِي بِهُدُوءٍ
عَنِ الحَدَاثَةِ البِدَائِيَةِ،
وَشَغَفِ الإِنْسَانِ بِالخُرُوجِ
عَنْ كُلِّ البَرَاوِيزْ...
- "الأُنْثَى هِي أَصْلُ الحَيَاةْ".
هَكَذَا يُؤَكِّدُ لِي.
قَطْعًا سَيُحَرِّمُونَهُ
مِنْ وَثَائِقَ هُــوِيَّتِهْ..
لَكِنِّي سَأَمْنَحُهُ حَقَّ الُّلجُوءِ إِلَى صَدْرِي.

"كُونْفُوشْيُوسْ" الَّذِي عَلَّمَهُ الصَّبْرَ
هُوَ نَفْسُهُ الَّذِي أَوْصَانِي
أُلَقِّنُهُ الجُنُونْ.
الفَرقُ بَيْنِي وَبَيْنَ فُرُويدْ
- الَّذِي يُحِبُّهُ أَكْثَرَ -
أَنَّهُ رَكِبَ القِطَارَ مُبَكِّرًا.
.........................................
مَا زَالَ
يُصِرُّ عَلَى اسْتِدْرَاجِيَ لِلرَّكْضِ
فِي شَوَارِعَ عَقْلِهِ الَّلانِهَائِيَةِ،
وَأَهْرَامَاتُ ثَقَافَتِي
تَتَخَلَّى عَنْ تَمَاسُكِهَا.
لَنْ أُمَانِعَ
أَنْ أَتْرُكَ لَهُ يَدِيَ
مُقَابِلَ الصَّمْتِ،
أَوْ أَنْ أُعَالِجَهُ مِنْ "فُوبْيَا" عُبُورِ الطَّرِيقِ
مُقَابِلَ
أَنْ يَكُفَّ عَنْ تَرْجَمَتِي
إِلَى أَفْكَارْ.
.................................
صُوفِيَّةُ "الطَّاوِيَّةِ"،
شَبَقُ الأَرْبَعِينَاتِ،
السَّمَاءُ الَّتِي تَتَوَسَّلُ رِضَا البَشَرْ،
مَحَطَّاتُ مِتْرُو بِكِّينْ
الأَكْثَرَ انْضِبَاطًا،
............................................
............................................
وَأَشْيَاءٌ أُخْرَى كَثِيرَةْ.
آَهٍ..
أَشْعُرُ أَنَّنِي مُرْهَقَةٌ جِدًّا،
وَحَتْمًا
سَيَكْتَشِفُ أَبِي
أَنَّ نَوَافِذَ عَقْلِيَ
لَمْ تَعُدْ مُغْلَقَةً بِإِحْكَامٍ
كَمَا تَرَكَهَا.
..............
مِنْ فَضْلِكْ
احْجُبْ عَنِّي عَيْنَيْكَ السُّرْيَالِيَّتِيْنِ
إِلَى الأَبَدْ،
وَكُفّْ عَنْ إِجْبَارِي
عَلَى النَّفَاذِ مِنْ أَضْيَقِ الثُّقُوبْ،
وَامْنَحِ الصَّمْتَ
فُرْصَةً للانْتِشَارْ
بِلا جَدْوَى
مَا زِلْتُ
أُطَارِدُ الهُرُوبَ،
وَمَا زَالَ
يَسْتَغِيثُ مِنْ إِلحَاحِي.
أُحَاوِلُ إِقْنَاعَ نَفْسِي
أَنَّ الحُلْمَ لَمْ يَنْتَهِ بَعْد،
بَيْنَمَا تَكْشِفُ أَشِعَّةُ الشَّمْسِ أَكَاذِيبِي
كَمَا اعْتَادَتْ غَرْسَ سِهَامِهَا
بَأَجْسَادِ الجُدْرَانِ؛
لِتَكْشِفَ هَشَاشَتَهَا وَضَعْفَهَا.
لَيْتَهُ لَمْ يَتَخَلَّ عَنِّي..
تَرَكَنِي وَمَنَحَهُمْ فُرْصَةَ الانْتِصَارِ عَلَيّ:
جَــدِّي،
وَبَنْدُولُ السَّاعَةِ،
وَتِلْكَ النَّمْلَةُ الَّتِي تَسْكُنُ جَفْنِي.
مَا زِلْتُ
أُسَابِقُ الأَعْذَارَ فِـي الطُّرُقَاتِ،
أُلَمْلِمُ شَظَايَا الحُلْمِ
كَي أَصْنَعَ بِلَّوْرَةً نَقِيَّةً،
أَرَاهُ كُلَّمَا نَظَرْتُ إِلَيْهَا.

أُغْمِضُ عَيْنَيَّ ثَانِيَةً
أَضْغَطُ عَلَى رَأْسِي بِقُوَةٍ
عَلَّنِي أَتَذَكَّرُ مَشْهَدَ النِّهَايَةْ..
لَكِنْ..
بِلا جَدْوَى.
سَامَحَكَ اللَّهُ يَا جَدِّي.
أَتُرِيدُ مُصَالَحَتِي عَلَيْهَا
بَعْدَمَا احْتَقَرَتْكَ، وَأَلْقَتْكَ وَحِيدًا؟!
وَأَنْتَ أَيُّهَا البَنْدُولَ التَّافِهَ
سَوْفَ أُعَاقِبُكَ بِالتَّجَاهُلْ.
أَمَّا تِلْكَ النَّمْلَةُ اللَّعِينَةْ..
قَدْ أَنْقَذَتْهَا الأَقْدَارُ مِن انْتِقَامِي.

لمَاذَا اخْتَارَتْ جَفْنِيَ مَسْرَحًا
لِنِهَايَتِهَا البَائِسَةْ؟
هَلْ لِتَتَّخِذَ عَيْنِيَ مَقْبَرَةْ؟
عَيْنِيَ مَقْبَرَةْ؟!
إِذَنْ
سَوْفَ يَمْتَلِئُ يَوْمِيَ بِالجَمَاجِمَ وَالعِظَامِ
وِرُفَاتِ المَوْتَى وَأَصْوَاتِ المُعَذَّبِينْ.
لَوْنِي دَاكِنٌ حَزِينْ.
أَنْفَاسِيَ ممْلُوءَةٌ بَالتُّرَابِ،
وَرَائِحَةُ أَحْلامِيَ
كَرِيهَةٌ مُنَفِّرَةٌ
يَشْمَئِزُّ مِنْهَا كُلُّ أَصْحَابِي،
فَكَالعَادَةِ
سَأَبْقَى
وَحْدِي.
المَوْتُ.. عَلَى طَرِيقَةِ بُرُوتَسْ
أَتَعَمَّدُ
مُمَارَسَةَ طُغْيَانِي عَلَى أَخِي الصَّغِيرِ؛
كَيْ أُقْنِعَ نَفْسِي
أَنِّي مَازِلْتُ
أُجِيدُ فُنُونَ السَّيْطَرَةْ.
شَيْطَانِي اللَّئِيمُ
يُخْرِجُ لِي لِسَانَهُ
فِي كُلِّ لحْظَةٍ
يُذَكِّرُنِي..
عِنْدَمَا عَلَّمْتُ قَامُوسِي
كَيْفَ يمْحُوَ كَلِمَةَ "لاَ"،
وَتَرَكْتُ لَهُ جَبِينِي
يُرَتِّبُ أَحْلامَهُ
بحَسْبِ شُرُوقِ الشَّمْسِ فِي عَيْنَيّ.
لمْ أَكُنْ أَعْرِفُ أَنِّي بَذِلِكَ
أَسمَحُ لمِيَاهِ القُطْبَيْنِ أَنْ تَنْصَهِر،
وَأُرْغِمُ الأَرْضَ
أَنْ تَتَخَلَّى عَنْ جَاذِبِيَّتِهَا.
بَينَ اللَّحْظَةِ وَالأُخْرَى
أَقِفُ أَمَامَ المِرْآةِ
أَتحَسَّسُ أَعْضَائِي،
أُدَرِّبهَا كَيْفَ تَتْبَعُنِي فِي هُدُوءٍ..
أُلَقِّنُ نَفْسِي جُمَلاً مُرَتَّبَةْ..
وَأَعِدُ لِسَانِيَ بِكَثِيرٍ مِنَ الحَلْوَى..
إِذَا ظَلَّ حَافِظًا وَوَاثِقًا فِيَّ.

ثمَةَ أَشْيَاءُ أُجَرِّبهَا
لِلْمَرَّةِ الأُولَى
مَثَلاً..
قِرَاءَةُ تَعَاوِيذَ "بُوذَا"،
البَحْثُ فِي كُتُبِ تَفْسِيرِ الأَحْلامْ،
الْتِمَاسُ الأَعْذَارِ لِلْمُدَخِّنِينْ.

وَلأُجَرِّبَ قُدْرَتِيَ
عَلَى إِخْضَاعِ الأَشْيَاءِ مِنْ حَوْلِي؛
أَحْبِسُ دُمْيَتِيَ فِي دُرْجِ المَكْتَبِ،
أَحْرِمُ قِطِّتِيَ مِنْ سَمَاعِ المُوسِيقَى،
وَأَقِفُ لِسَاعَاتٍ
عَلَى قَدَمٍ وَاحِدَةْ.
.......
.......
.......
الآنَ فَقَطْ
أَشْعُرُ بحَاجَتِيَ
إِلَى آلافِ الأَقْرَاصِ المُنَوِّمَةْ،
وَقِدِّيسٍ
يَعِدُنِي بِالغُفْرَانْ.
مَشْهَدٌ مِنْ مَسْرَحِيَةٍ ممُلَةْ
الذَّنْبُ لَيْسَ ذَنْبِي
حِينَمَا يُقْتَلُ أَخِي
وَتُصَابُ أُمِّي بِالجُنُونْ
وَأَفْقِدُ هُوِيَّتِي
مِنْ لحْظَةَ مِيلادِي.
صَدِيقَتِي
- الَّتِي تحْفَظُ الأَغَانِي الأَجْنَبِيَّةْ -
لمْ تَكُنْ مُجْرِمَةً
حِينَمَا
دَاسَتْ عُنُقِيَ بِقَدَمِهَا.
الفَيْلَسُوفُ
الَّذِي أُحِبُّهُ
لمْ يَتَرَاجَعْ
لحْظَةً
عَنْ تحْطِيمِ جُمْجُمَتِي،
وَبَائِعُ الجَرَائِدَ
الَّذِي يحْمِلُ العَالَمَ
تحْتَ ذِرَاعِهِ
يَنْظُرُ إِلَى ثَقَافَتِيَ
بِـِ
ا
سْـ
تِـ
هـْ
زَ
ا
ءْ

مُنَاقَشَةٌ حَادَّةٌ عَنِ الحُبِّ
يُصِرُّ فِيهَا أَصْدِقَائِيَ
أَنَّهُ أَقْوَى مِني.
وَبَيْنَمَا أُفَكِّرُ فِي عَمَلِيَّةِ سَطْوٍ مُسَلَّحٍ
عَلَى مَطْعَمِ الكُلِّيَّةِ
يَسْأَلُني زَمِيلِي
عَنْ عُنْوَانِيَ الإِلِكْتُرُونِيّ.
مُقَارَنَةٌ دَائِمَةٌ
بَينَ أُمِّي،
وَأُسْتَاذَةِ الأَدَبِ الإِنجِلِيزِيّ.
عُلْبَةُ "المَارْلُبُـورُو"،
وَحَجَرٌ يَبْصُقُ فِي وَجْهِ العَالمْ.
"شكْسِبِير"..
لمَاذَا يُصِرُّ عَلَى سَرِقَةِ أَفْكَارِي؟!
بَيْنَمَا
تُصِرُّ جَدَّتِي أَنَّني عَانِسُ المُسْتَقْبَلْ.
كُلُّهُمْ أَجمَعُوا أَنِّي مُمِلَّةٌ،
وَأَكَّدُوا
أَنَّ الغَبَاءَ الَّذِي أَصُبُّ عَلَيْهِ لَعْنَتي..،
.......، .......، ........،
هُوَ سِرُّ بَقَائِي.
عَفْوًا.. لَنْ أُكَرِّرَ المُحَاوَلَةْ
العَامُ الوَاحَدُ وَالعِشْرُونْ
العَالمُ يُدِيرُ وَجْهَهُ عَنِّي بِإِصْرَارْ
أُقَاوِمُ رَغْبَةً جَامحَةً فِي البُكَاءْ
أُحَاوِلُ التَّخَلُّصَ مِنْ فَضَلاتِ أَفْكَارِي
فِي عَرْضِ الطَّرِيقْ
لَكِنَّ خَوْفِي عَلَى "الفِرْدَوْسِ المَفْقُودِ"
مَازَالَ يَمْلِكُنِي
وَكَذَلِكَ رَأْسُ "مَكْبِثْ"
تُطَارِدُنِي
فِي كُلِّ مَكَانٍ
رَغْمَ كُلِّ العُرُوضِ المُغْرِيَةْ
.. أَفْشَلُ فِي تَحْوِيلِ الدَّمِ المُتَجَمِّدِ
فِي عُرُوقِيَ إِلَى سَائِلْ،
كَمَا أَفْشَلُ
فِي تَنْشِيطِ خَلايَا جمْجُمَتِي
رَغْمَ أَنَّنِي
أُجِيدُ اسْتِعْمَالَ لَوْحَةِ المَفَاتِيحْ،
كَمَا أُجِيدُ
الانْدِمَاجَ فِي أَحَادِيثَ صَدِيقَاتِي التَّافِهَةِ،
وَتَثْبِيتَ عَضَلاتِ وَجْهِيَ
عَلَى ابْتِسَامَةٍ عَرِيضَةْ،
وَإِقْنَاعَ الوَلَدِ الَّذِي يُحِبُّنِي
بِأَنَّنِي زَوْجَةٌ مُنَاسِبةٌ
كُلَّمَا دَعَانِي عَلَى العَشَاءْ.
سَذَاجَتِي
الَّتِي يُبَرْهِنُونَ عَلَيهَا جمِيعًا
هِي مِيرَاثُ أَبِي
الَّذِي يُؤْمِنُ أَنَّ الفُقَرَاءَ فَقَطْ
يَدْخُلُونَ الجَّنَّةْ.
.............
يَسْتَقْبِلُنِي المِتْرُو
بِوَجْهِهِ المُمْتَعِضْ،
أَدْفِنُ رَأْسِي
بِالجَرِيدَةِ اليَوْمِيَّةِ
أَتَخَلَّى
عَنْ أَعْضَائِي
وَاحِدًا تِلْوَ الآخَرْ،
أَتَضَاءَلُ
أَتَضَاءَلُ..
كَي لاَ يُلاحِظَ أَحَدٌ
شُذُوذَ أَفْكَارِي.
..............
المَبَانِي الشَّاهِقَةُ
تَعِدُنِي بِالاسْتِمْرَارِ
بَيْنَمَا يَسْتَعِدُّ قَلْبِي
لِتَقدِيِمِ اسْتِقَالَتِهْ.
بُرُودَةُ دِيسَمْبر
تُفَرِّقُ بَيْنِي وَبَينَ أَطْرَافِي
وَحَقِيبَتِي تُعَاهِدُنِي - مُجْبَرَةً - عَلَى البَقَاءْ.
شَوَارِعُ المَدِينةِ لامِعَةٌ
كَعَادَتِهَا
هَلْ تَتَعَاوَنُ مَعَ العِمْدَان وَلَوْحَاتِ الإِعْلانِ
للاحْتِفَالِ بمِيلادِي؟!
المَقْهَى مُكْتَظٌّ
بِالمَجَاذِيبَ وَالمَنْبُوذِينْ.
رَائِحَةُ التُّفَاحِ تَسْتَفِزُّ أَنْفِيَ
وَتَصْنَعُ شَبَحًا
كَالَّذِي فِي حِكَايَاتِ جَدَّتِي
أُرَاقِبُ المَّارَّةَ
وَكَأَنَّنِي عَلَى مَوْعِدْ.
.................
هَوَاتِفُ أَصْدِقَائِي
"غَيرُ مُتَاحَةٍ مُؤَقَّتًا"
رُبمَا سَافَرُوا إِلَى أَمَاكِنَ بَعِيدَةٍ
فَلأُغْمِضْ عَيْنَيَّ
كَمَا عَوَّدَتْنِي مُدَرِّسَتِي
وَلأُغَنِّ...
Happy birthday to me
Happy birthday to me
وَأَتخَيَّلْ
أَنَّ "سَانْتَا كلُوزْ"
حَتْمًا سَيَبْحَثُ عَنِّي
وَيَحْمِلُ لِيَ دُمْيَةً جَمِيلَةً
تَمْنَحُنِي الدِّفْءَ
دُونَ مُقَابِلْ.