Monday, April 18, 2011

عامر زريقات نائب رئيس "بيت دوت كوم":

"البحث عن وظيفة وظيفة في حد ذاته"

حوار: حنان شافعي

تعليقا على نتائج استطلاع أحلام وطموحات شباب العالم في الإمارات والذي تنوعت نتائجه كما تتنوع القصص التي يعيشها كل شاب في رحلة البحث عن الذات وعن فرصة عمل مناسبة يستطيع من خلالها تحقيق أحلامه، تلك الرحلة التي يظن البعض أن زاده الوحيد فيها هو مؤهله الدراسي أو مهارة بعينها إلا أن الاختصاصيين أكدوا غير ذلك لافتين إلى ضرورة تطوير المهارات يوما بعد يوم بناءا على مؤشرات متطلبات سوق العمل منذ نهاية العام المنصرم ومع بدايات العام الجديد، من هؤلاء الاختصاصيين كان أحد فريق عمل أشهر موقع توظيف في المنطقة العربي "بيت دوت كوم" الدكتور عامر زريقات الذي أجرت معه "الصدى" الحوار التالي .  
ملف خاص

في استطلاع لتجارب شباب العالم في الإمارات

من يأتي أولا الحلم أم الفرصة ؟

تحقيق: حنان شافعي

أينما يذكر الشباب تكثر التساؤلات وتتراوح الأحاديث حول المستقبل وما يحمله كل عام جديد مختلف عن عام مضى، وبين وعود وطموحات واحتياجات يحمل كل شاب أحلامه مثلما يحمل حقيبته، و لأن دولة الإمارات العربية المتحدة أحد اللاعبين الأساسيين في سوق العمل العالمية، يتوافد إليها آلاف الشباب سنويا من كافة أنحاء العالم، تختلف إمكاناتهم وأيضا جنسياتهم وثقافتهم لكنهم جميعا يتحدون في البحث عن فرصة وأيضا في تتبع مؤشرات التوظيف وارتفاع أو انخفاض الرواتب وكذلك المجالات التي تحمل أملا بانفراجات جديدة خصوصا في ظل توترات اقتصادية عالمية تؤرق الجميع....

"الصدى" استطلعت أحلام وتوقعات عينة من شباب العالم الذين قدموا إلى العمل في دولة الإمارات والذين يمثلون بالطبع مختلف التوجهات والثقافات وقد تراوحت أعمارهم بين 25 إلى 35 عام وتنوعت مجالات عملهم في الحقل الإعلامي والعلاقات العامة والتسويق والمواقع الحكومية والطاقة والتعليم والتأمين وغيرها. أبرز هؤلاء الشباب هي الإعلامية اللبنانية جنان مرهج التي تعمل كمذيعة في راديو "أم القيوين إف إم" منذ قدومها إلى الدولة عام 1999 والذي كان بما يشبه الصدفة لكنها في الحقيقة أصبحت بداية جديدة وقوية لها بحسب تصريحاتها، تقول "الإمارات سوق للفرص لكن ليس للجميع وليس في كل المجالات لكني في المجال الإعلامي اختبرت احتراما بالغا و حققت اسمي في أشهر قليلة وهو ما لم أحققه في بلدي" مشيرة إلى المناخ التنافسي الذي يتسم به سوق العمل في الإمارات وفي الوقت نفسه يعد من تحدياته. وتؤكد مرهج أنها في البداية توقعت أن تجد الإمارات بلد صحراوي ومنعزل لكنها وجدته متطورا ربما أكثر من دول أوروبية أخرى كما أنه أصبح أقرب وأحب الأماكن إليها بعد أن وجدت فيه نصفها الآخر وتمكنت من تكوين أسرة نموذجية وأيضا أطفال ترغب في تربيتهم في ظل مناخ الأمارات الذي تجد فيه التنوع الثقافي واللغوي على حد قولها.

الحلم أولا

99 بالمائة من الشباب الذين تحدثت إليهم كانت لهم أحلام شبه محددة قبل مجيئهم إلى الإمارات،  حتى من جاء لأسباب أخرى مقدمة على العمل تحول اهتمامه فيما بعد إلى العمل وتحقيق حلم ما كان يراوده من قبل. ومن الضروري أيضا أن نؤكد بأن الأحلام ليست كلها عملية لأن هناك من قدم إلى الإمارات باحثا عن مكان جيد يعيش فيه وفي المقابل عدم الرغبة في العودة إلى بلده الأم على الأقل في الوقت الحالي . من هؤلاء الشباب كانت "كاريسا كرولي" استرالية، 28 عاما، التي تقول "كنت أعمل قبل ذلك في أيرلندا وعندما انتهت الفيزا الخاصة بي لم أرغب في العودة إلى استراليا، التي أحبها بالطبع، لكني أريد أن أعيش في مكان دافئ لذلك اخترت الحياة في مدينة دبي رغم أني لم أكن أعرف أحد فيها أو حتى لدي عمل" حيث تابعت كرولي تعلم اللغة العربية في مركز تعليم العربية في المركز التجاري العالمي في دبي لمدة عامين بهدف مزيد من الانخراط في المجتمع الإماراتي وممارسة الحياة بصورة أفضل وفي الوقت ذاته الحصول على عمل. وبعد مرور أكثر من 4 أعوام على مجيئها إلى دبي تؤكد كرولي، التي تطمح إلى تأسيس مشروع استثماري خاص بها، أن الإمارات تمنح الناس فرص قوية لاكتشاف ثقافات مختلفة وأيضا التنقل بين أكثر من مجال عمل وبالتالي تطوير الخبرات والعلاقات الاجتماعية إلا أن ذلك كله متوقف على الشخص نفسه.

ولازلنا مع الباحثين عن مكان أفضل للعيش قبل العمل ومن بينهم كان اللبناني رشاد الغضبان الذي يعمل مدير للعلاقات العامة بإحدى الشركات المعروفة في هذا المجال والذي قال بأنه قدم إلى الإمارات عام 2006 هربا من الحرب الدائرة في لبنان آنذاك وبحثا عن مناخ آمن يمكن أن يخرج فيه طاقاته بصورة أفضل. ويشير الغضبان إلى أن ظروف العمل في الأمارات ليست سهلة كما يعتقد البعض لكنها في الوقت نفسه تحمل العديد من الخيارات التي ينبغي على المرء اختبار ما يناسبه منها، كما يضيف أن التنافسية التي يتسم بها سوق العمل الإماراتي هي في الحقيقة لصالح الشباب لأنها تحفزهم على تطوير أنفسهم من حيث التقنيات وآليات العمل.

أما سيدني ،فلبينية، التي تعمل في شركة تأمين فينطبق عليها المثل القائل بأن "رب ضارة نافعة" لأن قدومها إلى الإمارات في البداية كان هربا من قصة حب فاشلة ورغبة في نسيان الحبيب الذي تقول أنها كانت شديدة الارتباط به ومع ذلك قررت أن تستقل بحياتها وتبدأ في تحقيق أحلامها في مكان آخر. وتتفق سيدني مع شباب كثيرين بأن اختراق سوق العمل في الإمارات ليس بالأمر السهل ولكنه في الوقت نفسه يعتمد بالأساس على الشاب من حيث طموحاته وتطوير نفسه بحيث يصبح لديه فرص أفضل، ورغم ضعف راتبها نسبيا مقارنة برواتب آخرين تعتبر سيدني نفسها محظوظة لأنها عثرت على عمل في شركة مستقرة ووسط مناخ عمل جيد وبالتالي تستطيع أن تنفق على تعليم أخيها وأيضا توفر بعض المال لتشتري منزلا في الفلبين كما تحلم.

وبخلاف القصص والأهداف السابقة تأتي قصة النيجيرية ستيلا ليموجا برواية أخرى مغايرة حيث الشابة البالغة من العمر 34 عاما تحقيق طموحها في دراسة وامتهان السينما وبالفعل أدخلت بياناتها على موقع مدرسة نيويورك للسينما بأبوظبي لتفاجأ بقبولها وأن عليها الاستعداد للانتقال والعيش في دولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أن الأمر لم يستمر بهذه المرونة نظرا لرفض والدها مبدأ إقامة ابنته في دولة عربية لكنها نجحت في إقناعه بأن ما يصوره الإعلام عن الدول العربية ليس صحيحا تماما كما يتم ترويجه عن إفريقيا ونيجيريا على وجه الخصوص. تقول ستيلا " أستطيع أن أقول بكل ثقة أن الإمارات دولة نموذجية للدراسة حيث الحياة الآمنة والتنوع الثقافي الذي لم أتوقعه على الإطلاق، فأنا هنا أتعلم أشياء كثيرة جدا وأتابع دراستي دون مشاكل" لافتة إلى أنها لم تعان أي ضغوط لأن تتصرف بصورة معينة كما أن وجود الكثير من الثقافات التي تتفاعل معها أمر هام لطلاب السينما حتى أنها تفكر في تغير خطتها من السفر إلى الولايات المتحدة إلى البقاء في الإمارات لفترة أطول.

تحديات
ولعله من السمات المميزة لدولة الإمارات لانفتاح على مناخ استثماري قوي يبشر بمستقبل أفضل على كافة الأصعدة عبر مجموعة كبيرة من المشروعات التي تتبناها حكومة كل إمارة على حدة فضلا عن مشروعات القطاع الخاص التي تستوعب أعدادا غفيرة من شباب العالم . وتبلغ نسبة الشباب الذين يعتقدون من خلال تجاربهم أن الإمارات بالفعل أصبحت سوق عالمية لفرص العمل حوالي 70 % من العينة التي شملها الاستطلاع بينما يعتقد 20 % منهم بعكس ذلك، فيما يري 10 % منهم أنها في طريقها إلى أن تصبح كذلك لكنها في حاجة إلى مزيد من الوقت والتسهيلات القانونية والاستثمارية. ومن الشباب المتحمسين إلى سوق العمل في الإمارات المصري محمد رأفت ، 33 عاما، الذي يعمل في إحدى أهم شركات البترول في الدولة منذ 7 سنوات  وقد تدرج فيها بدءا من موقع عمل بسيط حتى أصبح في موقع أفضل، يقول " أعتقد أن بيئة العمل في الإمارات جيدة و تضمن للموظف استقرارا نفسيا، لكنها تحمل أيضا قدرا كبيرا من التحديات التي تتطلب من الشباب جهدا أكبر إضافة إلى الإلمام بمهام العمل من جوانب مختلفة" حيث استطاع رأفت أن يحقق جزءا كبيرا من أحلامه التي قدم بها وفي مقدمتها بحسب تصريحاته "الزواج وشراء سيارة". من جانبه اتفق هادي،27 عاما، الأخ الأصغر لمحمد رأفت والذي يعمل في مجال التأمين اتفق مع شقيقه على أن الشاب الذي يعمل في الأمارات يتمتع بمهارات أعلى وخبرات تميزه عن أقرانه في دول أخرى وتمنى هادي أن ينجح في تكوين أسرة وإنجاب أطفال بشرط أن يتمكن من تربيتهم في المجتمع الإماراتي حيث توفر وسائل الراحة والتعليم إلا أنه يرى صعوبة كبيرة في الاستمرار في العمل أو الحياة في الإمارات دون تحصيل راتب مرتفع نظرا لغلو الأسعار وارتفاع مستوى المعيشة، يقول "هناك وجه سلبي للرفاهية التي تتميز بها الإمارات حيث ارتفاع أسعار السكن والحياة بكل مستوياتها كما أن وسائل الترفيه هنا مغرية وفي الوقت نفسه مكلفة جدا لذلك ليس في مقدور كل الشباب أن يدخروا من رواتبهم أو يحققوا ما يحلمون به".

ومن تحديات غلاء الحياة في دولة الإمارات إلى تحدي الظروف الاقتصادية والأزمة العالمية التي أثرت على كل الأسواق بما فيها السوق الإماراتي . تلك الأزمة هي التي دفعت أجنيسكا رودنيكا ، بولندية، إلى المجئ إلى الإمارات والعمل لدى مجلس أبوظبي للتعليم كأخصائية علم نفس تربوي بعد إغلاق المركز الذي كانت تعمل به في المملكة المتحدة. ترى رودنيكا أن الإمارات تتمتع بمزايا مهنية مبشرة رغم كل الظروف الاقتصادية وأنها مؤهلة لأن تكون سوق عمل عالمي خلال السنوات المقبلة خصوصا في ظل سهولة جذب الاستثمارات المختلفة. أما التحديات التي يراها الشاب التونسي تاج الذي يعمل في مجال تسويق الماركات العالمية فتتمثل في التنافسية الشديدة على فرصة العمل الواحدة مما قد يشكل ضغطا نفسيا كبيرا خصوصا بعد التغيرات الكبيرة التي شهدها السوق الإماراتي خلال العامين الماضيين يقول " تسببت الأزمة الاقتصادية في خفض الرواتب بصورة كبيرة هذا بخلاف الذين تم الاستغناء عن خدماتهم أصلا، وأصبح بعض أصحاب الأعمال يضغطون على الشباب للعمل ساعات أطول بدون مقابل" لكنه أكد في الوقت نفسه على تفاؤله بالعام الجديد وانتعاش المؤشرات الاقتصادية مرة أخرى.

الرأي الآخر
      
وتحريا للدقة والأمانة نتعرض إلى نسبة الشباب الذين شملهم الاستطلاع وكانت آرائهم مخالفة لما سبق من خلال تجربتهم الواقعية حيث رأى بعضهم أن الإمارات تعاني كذلك مما تعانيه أسواق العمل في دول أخرى سواء من تفشي الوساطة أو عدم تكافؤ الفرص. هذه العينة بلغت نسبتها 10 % ومنها على سبيل المثال اللبناني محمد صلهب الذي يعمل في مجال العلاقات العامة ويرى أن الإمارات ليست سوق عمل عالمية بالمعنى السليم رغم وجود تنوع كبير في الجنسيات العاملة فيها، يقول " سوق العمل الإماراتي مجال جيد للكسب المادي لمن يريدون تحصيل أموال فقط، أما من يحلمون بتطوير أنفسهم على مستويات مختلفة وبصورة عميقة عليهم البحث عن مكان آخر" معللا رأيه بأنه ليست هناك معايير واحدة لتقييم العاملين في أي مجال وهو ما يرفع من شأن البعض ويقلل من شأن البعض الآخر. ويضيف صلهب الذي قدم استقالته للشركة التي يعمل بها ويستعد للرحيل "لقد جربت العمل والعيش في أكثر من دولة خليجية والجميع يتشابهون تقريبا في المناخ الذي يحمل اختلافات كثيرة في مكان واحد دون تفاعل حقيقي".

أما النموذج الثاني فهو محمد جمال، البالغ من العمر 26 عاما و الذي رفض ذكر جنسيته إذ أن له تجربة مع الإمارات، يقول " هذه هي المرة الثالثة التي أزور فيها دولة الإمارات بحثا عن فرصة مناسبة للعمل وقد قررت السفر إلى هنا انطلاقا من أن الإمارات هي الأفضل عربيا من حيث الفرص، إلا أنني أكتشف في كل مرة صعوبة الوضع أكثر وأكثر، كما أني وجدت حاجة المرء إلى ،واسطة، للحصول على فرصة جيدة مثلما هو الحال في الدول العربية" لافتا إلى أن المؤهلات والخبرات ليست هي عنصر التقييم الوحيد كما أن هناك صعوبة في التواصل مع صناع القرار والمسؤلين في معظم المجالات وخصوصا مجال الإعلام والفنون. من ناحية أخرى يشكو جمال من وجود فجوة كبيرة بين ما يتم إعلانه في الصحف وأجهزة الإعلام من استقطاب واحتواء للمواهب والمشروعات الشابة وما يحدث في الواقع، كما يشير إلى ضرورة تطوير قانون الإقامة و قوانين العمل ،"فهي ليست بمستوى التطور الكبير  و التقدم الذي تشهده البلاد على الأصعدة الأخرى"، فالقوانين بحاجة لتطوير كإلغاء نظام الكفيل مثلا ، كي يتناسب القانون  مع حقوق الإنسان بحيث ينصف العامل و يصون حقوقه و يحفظ كرامته ، و يسهل حركة إقامة و تنقل الأفراد و الأفكار و الخبرات ، مما يسرع عجلة التطور و التنمية المنشودة بالإمارات.