Friday, March 26, 2010

في الندوة الثانية لفيلم سحر ما فات

مدكور ثابت"لست مؤرخا وفيلمي دعوة للتأريخ عبر السينما"

كتبت: حنان شافعي

للمرة الثانية خلال أيام يتحول عرض فليم "سحر ما فات في كنوز المرئيات " للسينمائي الكبير مدكور ثابت إلي لقاء حميمي خاص في حب الوطن و إعادة التأكيد علي أهمية مراجعة التاريخ و استيعاب مراحله جيدا حتى يعرف كل مصري وعربي أنه ابن أمة سجلت مجدها عبر مئات السنين وليس ابن الأمس كآخرين .
هذه المرة أقيم العرض بقصر الأمير طاز بالقاهرة القديمة -وقد يكون المكان الأنسب – حيث التف كوكبة من الإعلاميين والسينمائيين والجمهور حول شاشة العرض ثم جمعتهم الندوة التي أدارتها الكاتبة الصحفية سوسن الدويك وشارك فيها الناقدة ماجدة موريس والناقد محمد الروبي وتوسطهم صاحب الليلة والعرس الفني الدكتور مدكور ثابت .

بدأت الندوة بسؤال للكاتبة سوسن الدويك وجهته إلي مخرج الفيلم حول ملابسات صناعة الفيلم فبدأ حديثه معبرا عن سعادته الغامرة بوجود أصدقاء له في العرض مثل الكاتب الصحفي رياض سيف النصر وهو واحد من الذين  كانوا زملاءه علي الجبهة لأنهم في الحقيقة جزء من التجربة التي صاغها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في هذا الفيلم و أضاف ثابت أن جيله – وكل رفاقه من المراسلين الحربيين- هم الذين عرفوا جيدا معني كلمة الوطن ودفعوا للدفاع عنه أثمن ما يملكون .
وردا علي انتقادات  للفيلم بأنه لم يفرق بين اليهود والصهاينة وأنه لم يكن محايدا كما يظن البعض  قال مدكور ثابت :"أنا لا أزعم أني مؤرخ وفيلمي ليس تأريخا لحقبة زمنية بعينها بل هو مجرد دعوة للتأريخ عبر السينما " وأضاف ثابت :" التأريخ لفترة 100 عام يحتاج إلي عشرات الأفلام وليس فيلما واحدا وهذا الفيلم ما هو إلا خلاصة تجربتي في الحياة ورصيدي من المعرفة التي حرصت طوال حياتي علي اقتناصها من خلال الشهادات والقراءات والسفر وأعترف أني لست محايدا لأني اكتشفت أن تصوراتي الشخصية انطبعت كلها علي الفيلم وهو أمر طبيعي جدا " .

من جانبها قالت الناقدة السينمائية ماجدة موريس أنها شاهدت الفيلم فور الانتهاء منه ووجدت أن مدكور ثابت جاء وسط طوفان الأفلام الكوميدية و الجادة التي نتابعها سواء في مصر أو خارجها جاء ليحول مسارنا ويستوقفنا تماما لتأمل الماضي . وا أكدت موريس أن الفيلم التسجيلي من الصعب أن  يظل ممتعا في كل مشاهده لكن مدكور ثابت نجح بجدارة في صنع ذلك وبرغم أنه ينفي تطرقه للسياسة إلا أن الفيلم سياسي اجتماعي مائة بالمائة كما أنه يحمل قدرا كبيرا من المعلومات الهامة التي ربما لم نسمع بها من قبل مثل معلومة أن أول مستوطنة يهودية كانت في كوم أمبو وكذلك لم أكن أتخيل أن اليهود يفكرون بمصر قبل فلسطين .

أما الناقد محمد الروبي فبدأ حديثه بتساؤل عما نعنيه بالفيلم الوثائقي وحقيقة أن هناك التباس في مفهومه حيث نجده منحسرا في منطقة التوثيق لأشخاص بعينهم ووهم الحيادية الذي نلصقه به وهو السبب الذي جعله بعيدا عن تفاعل الجمهور وكذلك وضعه في مركز لا يليق به في حين أن الفيلم الوثائقي هو فيلم سينمائي يحمل من المتعة والدراما ما يحمله أي فيلم آخر أما الاختلاف فيكمن في كيفية صياغة الفكرة وماهية الرسالة التي يراد توصيلها عبر الفيلم . وكرر الروبي تأكيده السابق أن فيلم مدكور ثابت هو تصور عن مصر التي كانت والتي يجب أن تكون وأن مخرجه صنعه بعبقرية منذ اللقطة الأولي حيث العنوان ثم المشاهد التي تتحدث عن جمال الصورة وقضية التأريخ عبر السينما ثم استدراج المشاهد إلي قضايا أكبر وأكثر خطورة . 

أيضا تحدث الروبي عن الحساسية الشديدة التي صنع بها الفيلم وكيفية صياغة الرسالة الكامنة وراءه  مؤكدا أن كل ما جاء  به ليس وليد الصدفة أو التلقائية بل هو مدروس ومحكم بقدر ما حرص ثابت علي ضخ كل خبرته في هذه الفلم فثملا لم تكن صدفة أن يذكرنا المخرج بين مشهد وآخر بالمخطط الصهيوني وتوابعه وكذلك موقف الشعب البسيط من  كل قائد وافد باعتباره الأمل في الخلاص ونفي الروبي أكذوبة  العمل الإبداعي المحايد التي يتحدث عنها البعض وهو ما رد عليه دكتور مدكور قائلا " مسمي الواقعية بالأساس في الفن مفهوم خاطئ وغير حقيقي لا في السينما ولا الصحافة لأننا دائما نختار ما بين الأشياء وما الإبداع إلا  اختيار  وموقف ." 


ومن بين مداخلات الحضور كانت كلمة الأديب فؤاد قنديل الذي شدد علي فكرة الخروج من القطيع والتمرد علي كل ما هو معتاد وهو ما قام به مدكور ثابت في فيلم يرتفع عن الصغائر وأشار قنديل إلي أن هذا الفيلم مؤلف قبل تصويره بأربعين عاما لأنه في الحقيقة محصلة تجربة مخرجه طوال هذه السنوات وهذا متوقع من رجل يفكر بالسينما وزاده التأمل والربط بين المعطيات والتفاصيل التي تؤرخ لكفاح شعب وذلك في فيلم لا يشوبه الملل أو الزيادة عن الحاجة . وأخذ الكاتب الصحفي رياض سيف الدين طرف الكلمة ليتحدث عن ذكريات الجبهة مع مخرج الفيلم وكيف أنه أكثر من يشعرون بقيمة هذا العمل بكل تفاصيله وأشار سيف النصر أنه رغم معاصرته لكل الأحداث التي جاءت بالفيلم لكن الصياغة والرؤية المقدمة جعلته يتورط من جديد مثله مثل أي مشاهد عادي .وتحدثت الدكتورة نادية مغيث الباحثة في العلوم السياسية قائلة:"أن الفيلم رغم أنه تسجيلي فقد نجح في نقل حالة شعب عبر مائة عام والسبب في ذلك احتواءه علي كل ملامح الدراما ولعل تلك هي الوسيلة التي سترضي شبق العالم للحقيقة في مقابل آليات العولمة وتكنولوجيا الاتصال المتوحشة ."