هَكَذَا أَنْتِ..!
مَاهِرَةٌ صَدِيقَتِي فِي تَرْوِيضِ الفَقْر
أَخْرَجَتْ لَهُ لِسَانَهَا فِي سَاحَةِ الأَلْسُنِ الرُّخَامِيِّةْ
حِينَمَا اشْتَرَتْ الأَسْبَانِيَّة بِقِرْطٍ رِيفِيٍّ يُشَارِكَهَا سَذَاجَتَهَا
ظَنَّتْ أَنَّهَا سَتَقْهَرُهُ إِلَى الأَبَدْ
كَانَتْ طَيِّبَةً أَكْثَرَ مِنَ اللازِمْ
لا تَعْرِفْ أَنَّهُ يُجِيدُ رُكُوبَ الأَسَانْسِيرَاتْ
وَالاخْتِبَاءَ خَلْفَ مَقَاعِدَ القِطَارِ
الْمُنْهَكَ الَّذِي يَحْمِلُهَا إِلَى "الْمَنْصُورَةْ"
جَاءَتْنِي بَعْدَ انْقَضِاءِ أَيَّامِ الأَلْسُنِ
وَالفَقْرِ يَسْكُنُ أَسْنَانَهَا
الَّتِي لازَالَتْ لَبَنِيَّةْ.
هَكَذَا أَنْتِ إِلَى الأَبَدْ
حَتَّى لَوْ أَصْبَحْتِ تَقْضِينَ نِصْفَ يَوْمَكِ بِفَنَادِقَ الْخَمْسِ نُجُومْ
وَتُتَابِعِينَ يَومِيًّا أَسْعَارَ العُمْلاتِ الأَجْنَبِيَّةْ
مَرَّةً ثَانِيَةً
أَكْتَشِفُ قُدْرَتَهَا عَلَى مُرَاوَغَةِ الفَقْر
وَهِي تَصْنَعُ الشُّورْبَةَ السَّاخِنَةَ
بِمِيَاهِ الصُّنْبُورِ وَمِلْعَقَةِ مِلْحٍ وِلَيْمُونَةْ
كَانَتْ رَاضِيَةً وَهِيَ تُؤَكِّدُ لِيَ أَنَّ:
"الغَلْبَانُ مَا بِيِشْبَعْشِ غُلْب"
وَأَنَّهَا لَنْ تَسْتَطِيعَ إِنْجَابِ أَطْفَالٍ
لأَنَّهَا نَبَاتِيَّةْ
كَانَتْ تُوَافِقُنِي عَلَى مَلَلِ الْحَيَاةِ مَسَاءً
وَنَحْنُ نَقْتَسِمُ سَرِيرًا بِلا مَرْتَبَةْ
وَمَعَ ذَلِكَ تَسْتَيْقِظُ كُلَّ صَبَاحٍ فِي نَشَاطٍ مُدْهِشٍ
لِتَبْدَأَ مَعَ الْحَيَاةِ ذَاتِهَا عَلاقَةً جَدِيدَةْ
وَمَعَ الفَقْرِ تَحَدِّيًا آخَرْ
قَالَتْ لِيَ ذَاتَ يَومٍ إِنَّهَا تُحِبْ
لَكِنَّهَا خَائِفَةً
مِنِ انْحِنَاءَةِ ظَهْرِ أَبِيهَا
وَعَدَمِ إِجَادَتِهَا النَّظَرَ فِي عَيْني حبيبها.
وقبل أن أصوغ لها فلسفات عبقرية ككل مرة
فتحتُ عيني
لأجدني وحدي
بلا وداع
أو وعد بلقاء جديد.
No comments:
Post a Comment