بعد نجاح مبادرة أسبوع الفيلم السويسري
مريان خوري : أحلم بتقديم المزيد لكن المسألة شاقة
حنان شافعي
أفلام سويسرية ؟!..عبارة استفهامية سمعتها باندهاش من الكثيرين ، فنحن لا نعرف عن سويسرا سوي أنها بلد الساعات إضافة إلي ما رسخته الدراما التليفزيونية المصرية في عقولنا من أن بنوك سويسرا هي الملاذ الآمن لحفظ ملايين رجال الأعمال الفارين من بلادنا البريئة لكن أحدا لم يفكر في معرفة المزيد عن ثقافة هذا البلد لدرجة أننا استغرقنا وقتا في استيعاب خبر تواجد أفلام سينمائية سويسرية بنفس دور العرض التي اعتدنا الذهاب إليها جريا وراء الأفلام الأمريكية .هذا ما أكدته لي التجربة التي
تبنتها شركة أفلام مصر العالمية (يوسف شاهين وشركاه) حيث أقامت أسبوعا سينمائيا سويسريا بالقاهرة في الفترة من 4 إلي 10 مارس وذلك بالتعاون مع مؤسسة الفيلم السويسري ، قدمت من خلاله أكثر من خمسة عشرة فيلما ما بين تسجيلي وروائي مع الحرص علي عقد لقاءات بين الجمهور الذي أقبل علي متابعة الأفلام بحماس ورغبة في الاكتشاف ، و بعض صناع الأعمال الذين حرصوا علي الحضور إلي القاهرة وقد كانت بالفعل لقاءات حية وفاعلة دأب فيها الطرفان علي تأكيد تواصله مع الأخر . السيدة مريان خوري كانت حريصة علي مباشرة يوميات الأسبوع بكل تفاصيله رغبة منها في اكتمال التجربة بنفس النجاح الذي بدأت به وقد أكدت "للحياة" أن مشروعا كهذا ليس تجربة سهلة بل علي العكس يحتاج إلي جهد شاق ومثابرة مع معرفة مسبقة ببطء النتائج وقد تأتي عكس التوقعات "خاصة وأن الوضع في مصر ليس مشجعا بدرجة كبيرة علي تقديم مثل هذه الأفكار الثقافية أكثر منها تجارية نظرا لعدم توفر دور للعرض و ضرورة السعي وراء الجمهور الذي ينتظر أن نذهب إليه بدلا من أن يبحث هو عنا". وحول بداية التجربة و مبادرة تقديم أفلام سينمائية مختلفة عن تلك التي تعود الجمهور المصري علي متابعتها قالت مريان خوري "أن شركة مصر العالمية تتحمل هذه المخاطرة انطلاقا من اهتمامها بكل أشكال وعناصر الصناعة السينمائية بصفة عامة فهي ليست شركة للإنتاج فقط كما أنها لا تألو جهدا في تقديم ثقافة سينمائية مغايرة للجمهور المصري وذلك حتى من قبل رحيل مؤسسها يوسف شاهين إلا أن المسألة تبلورت وأخذت شكل المشروع عام 2004 بتقديم بانوراما للأفلام الأوروبية وبعد أن حققت نجاحا كبيرا فكرنا في ضرورة استمرار التجربة وكان ذلك عبر مشروع "سينمانيا" حيث خصصنا قاعة للعرض بمجمع سينمات سيتي ستارز بالقاهرة لعرض الأفلام التي تحقق نجاحا كبيرا أو تحصل علي جوائز عالمية وبالفعل عرضنا أفلام "أسرار القمح" و "زوزو" و والفيلم اللبناني "بوسطه" والفرنسي "لا في أون روز" وذلك بمعدل عرض لكل أسبوعين إلا أن المشروع توقف بعد ذلك لفترة ثم كانت الفاعلية التالية أثناء مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الماضية حيث أقمنا ضمن المهرجان أسبوعا للأفلام الأسبانية بحضور صناعها وفي مقدمتهم بطلات فيلم "المودوفار" الذي عرض ليلة الافتتاح و أيضا حققت المبادرة صدي قويا .
وردا علي سؤال حول تقديم وجبة سينمائية سويسرية هذه المرة أجابت خوري " أن المبادرة جاءت من مؤسسة الفيلم السويسري التي أبدت استعدادها للتعاون مع "مصر العالمية" لعرض أفلام سويسرية بالقاهرة لتعريف الجمهور المصري بالسينما السويسرية كنوع من التواصل الحضاري والتأكيد علي الرسالة الإنسانية للسينما وبالفعل وافقت علي الفكرة خاصة وأننا كجمهور عربي ومصري لا نعرف الكثير عن سويسرا رغم أنها دولة هامة وليست بعيدة كثيرا عن عالمنا العربي ".
ولعل الملفت للنظر في تجربة الأسبوع السينمائي السويسري بالقاهرة هو تقديم أفلام تسجيلية بجانب الأفلام الروائية وحرص الجمهور العادي إضافة إلي السينمائيين المصريين علي الحضور ومتابعة الندوات التي تعقب العروض وما يتخللها من مناقشات للأعمال هي في الحقيقة رغبة من كلا الطرفين في اكتشاف الآخر والتواصل معه وكان أبرز المهتمين بذلك من الجانب السويسري المخرج التسجيلي "ريتشارد ديندو" الذي حرص علي متابعة ردود أفعال الجمهور علي أفلامه "جينيه في شاتيلا" و "جيفارا في بوليفيا"..وقد بررت خوري ذلك قائلة :" عندما تلقيت العرض من مؤسسة الفيلم السويسري طلبت أن تتاح لي حرية اختيار الأفلام التي سوف يتم عرضها كما طلبت ترجمة كل الأعمال إلي العربية أو علي الأقل إلي الإنجليزية ، وقد كنت حريصة جدا علي تقديم أفلام تسجيلية ضمن الأسبوع نظرا لاهتمامي الخاص بالسينما التسجيلية ودورها في التعريف بالثقافات وبالفعل قمت بالاختيار من كتالوج الأفلام التسجيلية السويسرية تلك الأعمال التي تربطها علاقة بالشرق الأوسط أو التي تبرز الموقف السويسري من قضايا المنطقة العربية كذلك حرصت علي عقد مناقشات حول الأعمال لأن "مصر العالمية" تهدف من مثل هذه المشروعات بالأساس إلي إقامة حدث ثقافي يستفيد منه الجميع بما في ذلك مثلا طلبة معهد السينما الذين أحرص علي حضورهم وتفاعلهم مع صناع السينما الأجانب وبالتالي المسألة ليست مجرد عروض تجارية فقط " .
أما عن ريتشارد ديندو فقد علقت مريان خوري قائلة إنه "رجل كريم ومثقف حقيقي لديه حماس تجاه الآخر ، فبخلاف اهتمامه بتقديم أفلام تسجيلية عن كفاح الشعوب المختلفة ، لم يتأخر في تلبية دعوة الحضور إلي القاهرة و متابعة الحدث بل أنه أبدي استعداده لتقديم خلاصة خبرته السينمائية إلينا مما شجعني علي إقامة ورشة عمل سينمائية تجمع بينه وبين طلاب معهد السينما المصريين للاستفادة من خبراته في صناعة السينما التسجيلية وذلك علي مدار ثلاثة أيام متواصلة ". وعن مستقبل مشروع "سينمينا" أو مبادرات عرض أفلام سينمائية مختلفة في الفترة القادمة صرحت مريان خوري أنها تلقت بالفعل عروضا لتقديم أسابيع سينمائية ألمانية وهولندية إلا أنها لم تقرر بعد ما سوف يحدث بشأن ذلك معللة موقفها بأن "المسألة تحتاج إلي استعدادات كثيرة ومسؤولية شاقة لا يمكن البت فيها إلا بعد تفكير عميق" خاصة و أن شركة مصر العالمية تتحمل وحدها حتى الآن كل تفاصيل المشروع والدعاية له دون وجود رعاة أو منظمين وبالتالي "تحتاج الفترة القادمة إلي إعادة ترتيب الأفكار لكنها لن تتخلي عن المشروع مطلقا " .
No comments:
Post a Comment