Monday, October 25, 2010

تخطط لرسم لوحات تحت الماء بعد الإنتهاء من العظام
الإماراتية ميسون آل صالح .. "لوحاتي دعوة للتأمل"

حنان شافعي-الشارقة
"أمارس الفن لأني أحبه ولكل لوحة من لوحاتي حكايتها الخاصة" بهذه الجملة عبرت الفنانة الإماراتية الشابة، ميسون آل صالح عن علاقتها بالفن و كيفية استلهام أعمال غير تقليدية من خلال قصص وحكايات إنسانية أو أفكار قد تخطر ببال الكثيرين لكن وحدها ميسون ، التي يتجاوز عمرها العشرين بقليل، تصر على اكتشاف العالم بطريقة مغايرة تبتعد عن التصورات المسبقة أو تراكم الخبرات السلبية لدى الكثيرين . وفي معرضها الأخير الذي تستضيفه قاعة مركز مرايا للفنون بالقصباء في الشارقة ، تقدم ميسون آل صالح 10 لوحات تحمل من لمحات الحياة في المجتمع الإماراتي ما يمكن أن نراه أينما ذهبنا سواء في الشارع أو مراكز التسوق أو حتى في المنازل ، كلها نماذج بشرية تدور حولنا تختلف في ارتداء أزياء محلية أو غربية لكن الجميع يتحد في تكوين عظامي متشابه ومفرغ تماما من ملامح العرق أو الجغرافيا.  
تقول ميسون "هناك عدد من لوحات المعرض تعتمد بالفعل على قصص واقعية لأشخاص كانوا على قيد الحياة وفارقوها في إطار مواقف درامية، أو مواقف أخرى نراها حولنا ، وقد استوقفتني تلك المواقف ففكرت في تناولها عن طريق الفن وطرحها على الناس كدعوة للتأمل" مشيرة إلى لوحة بعنوان "رجيم" وفيها تقدم تصورا لفتاة توفت بسبب محاولة الإلتزام بطريقة تغذية "ريجيم" لا تناسبها فقط لمجرد محاكاة امرأة أخرى مختلفة عنها تماما . وهناك أيضا لوحة بعنوان "ماكينة الصحراء" تعرض الهيكل العظمي لجمل كانت ميسون قد قرأت في الصحف أنه توفى بسبب تناوله كمية من البلاستيك، أما اللوحة الأكثر مرحا فهي بعنوان "بلاك بيري" وفيها تصور ميسون امرأة اماراتية أنيقة تثرثر في عبر جهاز البلاك بيري، تقول عن تلك اللوحة "عندما وقعت مشكلة خدمات البلاك بيري في الدولة حدثت بلبلة وغضب شديد من الجمهور وخصوصا المواطنين فشعرت كم أصبح هذا الجهاز بمثابة إدمان مثله مثل كثير من أشكال التكنولوجيا التي توغلت في حياة الناس" .
بانوراما
ورغم إسقاطات الفنانة ميسون آل صالح حول الموت في حديثها عن لوحاتها وفكرة اشتغالها على العظام بصورة إيجابية تغاير التصورات الشائعة ، فإن اللوحات تقول ما هو أبعد من ذلك وربما ما هو أكثر قربا للحياة منه إلى الموت، إذ تصور أكبر لوحة في المعرض وهي لوحة "البانوراما" قطاعا عرضيا في مشهد من مشاهد الحياة الإماراتية اليومية وهي لمسة فنية أقرب إلى عدسة الكاميرا منها إلى ريشة الرسم حيث تستعرض ميسون "لقطة" من الشارع الإماراتي الذي تقف على جانبيه أبراج زجاجية عالية  وفي المنتصف يتوزع السائرون في خطوات منهمكة ، بين نساء ورجال وصغار تتنوع ملابسهم بين زي محلي أو غربي ولكن في الوقت نفسه تتوحد ملامحهم المختصرة في العظام فقط دون أدنى تمييز.
تعلق آل صالح على هذه اللوحة قائلة " في هذه اللوحة حاولت تقديم صورة للحياة في الإمارات حيث امتزاج أشخاص بحكايات وثقافات مختلفة تماما في بيئة معيشية وتفاصيل يومية واحدة " لافتة إلى انتماء هذه اللوحة أيضا إلى اللوحات الأخرى من حيث موضوع السمات الإنسانية المشتركة رغم اختلاف الأصول، و"كأن الحكايات الفردية للبشر تصنع لنا حكاية بانورامية أكبر وأشمل، يمكن للجميع اكتشافها بطريقة الإقتراب أو الإبتعاد ،زووم إن أو زووم أوت".
لوحات تحت الماء
ولعل أهم ما يميز ميسون آل صالح عن الكثيرين غيرها، وعيها الشديد بعلاقتها بالفن وملامح الطريق الذي تريد أن تسلكه لتصنع لنفسها علامة فنية مميزة تختلف عن المشروعات التشكيلية المطروحة على الساحة الإماراتية حيث تقبض ميسون على أدواتها بذكاء ومهارة إكتسبتها أولا من بيئتها الفنية التي نشأت فيها وثانيا من دراسة الديكور و تصميم الغرافيك بجاعة زايد. تقول "منذ سن الثامنة وأنا أحاول تقليد خالتي الفنانة التشكيلية هيفاء آل صالح إذ تعلمت منها كيفية التعامل مع الألوان والتعبير عن أفكاري ممتزجة بالواقع، كما تعلمت من والدي الذي يهوى التصوير ،الابعاد الأساسية في التشكيل، فضلا عن التشجيع الدائم الذي أجده من قبل والدتي التي تهوى تصميم الأزياء" إذن يلعب المناخ العام الذي تعيش فيه آل صالح دورا كبيرا في تنمية موهبتها الفطرية التي تحتاج، مثل أي موهبة، إلى تنمية وإصرار دائمين إذ تؤكد أن أسرتها لا تمانع مطلقا خوضها أي مغامرة فنية أو إنجازها لأفكار جديدة ترى فيها انعكاسا للحياة .
من هذه المغامرات تلك التي تستعد آل صالح لخوضها بعد انتهاء معرضها الحالي "الجانب المشرق من العظام" ،تجربة رسم لوحات تحت الماء تصور مشاهد للحياة في أعماق البحر وكيفية استفادة الإنسان من هذا العالم الغامض. وتقول ميسون أنها شغوفة جدا بتنفيذ هذه المغامرة الصعبة والممتعة في الوقت نفسه حيث تجيد الغوص لمسافات بعيدة "أملك رخصة غوص إلى قاع البحر وقد تدربت على ذلك منذ صغري لذلك أحلم بأن يكون معرضي القادم عن اعماق البحار وما سوف أكتشفه فيها". وتمثل هذه المغامرة تجربة فريدة من نوعها في مجال الفنون التشكيلية إذ لم ينفذها من قبل سوى مجموعة من الفنانيين الماليزيين، إلا أن ميسون آل صالح سوف تكون أول عربية تخوض تلك المغامرة وبصورة فردية بمصاحبة غواص محترف لتصويرها تحت الماء وهي تستخدم أدواتها وترسم .


No comments: