Wednesday, March 24, 2010

كيف مهدت هوليوود طريق أوباما إلي البيت الأبيض ؟!!

كتبت : حنان شافعي

لا تزال مشاهد تنصيب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية تستحوذ علي عقول الشعب الأمريكي الذي لم يصدق خبر صعود رجل أسود إلي قمة سلطته مثلما لم يصدق العالم أجمع لكن الأخبار والتكهنات صارت واقعا يسجل بداية مرحلة جديدة في تاريخ العنصرية الأمريكية ضد السود والتي أكد الناقدان مانولا دارجس وآي سكوت في صحيفة نيويورك تايمز أن هذا التغير الذي اعتري الأمريكيين كان بفضل الفن الذي
يلعب دوره السحري في تغيير المجتمعات حيث اعتاد الناس علي مشاهدة الموقف ذاته علي شاشة السينما والتليفزيون الأمريكي فهناك جيمس إيرل جونز في فيلم "الرجل" ومورجان فريمان في فيلم "أثر عميق" وأيضا كريس كوك في "قائد الولاية " ودينيس هايسبرت في فيلم "24" كل ذلك مهد الطريق أمام باراك أوباما لدخول البيت الأبيض .
ولم تكن هوليوود بريئة من العنصرية ضد السود في الولايات المتحدة والتي يمكن ملاحظتها إلي الآن لكن التغير الحقيقي بدأ خلال الخمسين سنة الأخيرة أو بالأحرى منذ 47 عاما أي مع ولادة أوباما شخصيا حيث تجاوز السود الأدوار السينمائية البسيطة وتمردوا علي أفلام المشكلات الاجتماعية السخيفة وحصر صناع السينما لهم في أدوار المطبخ والجراجات والشخصيات المهمشة وبالفعل استطاعوا إثبات جدارتهم وأصبحوا من نجوم الصف الأول .
من ناحية أخري أخذ مخرجون سود أمثال سبايك لي وتشارلز بيرنت وجون سينجلتون علي عاتقهم مهمة تغيير صورة المواطن الأمريكي الأسود وشن حملة مضادة لما تم ترويجه عن حياة السود الهمجية في  مقابل خلق صورة جديدة أفضل وأقرب إلي الواقع . وجاءت بعد ذلك أفلاما من بطولة نجوم سود تقترب بشكل أو بآخر من البيت الأبيض وتتناول قضايا الهوية والسلطة و الموقع الحقيقي للمواطنين السود في ذلك وأقرب الأمثلة نجدها في فيلم "يوم الاستقلال" للنجم ويل سميث وبهذا تعتبر تلك الأعمال بمثابة نبوءة لما تشهده أمريكا الآن بعد أن تولي قيادتها رجل أسود .


وقد شهد التاريخ الأفروأمريكي الحديث انتصارات كثيرة للسود أطلقها في عالم السينما الممثل سيدني بويتير الذي بدأ عام 1960 في الظهور القوي حينما تم ترشيحه لجائزة الأوسكار وكان بذلك مثالا يحتذي به لكل السود داخل هوليوود ثم في عام 1961 أي عام مولد أوباما قدم بويتير فيلما بعنوان "مع شروق الشمس " وكان تواجده قويا ومؤثرا بالقدر الذي جعل الجميع يندهشون من كيفية وصوله إلي هذا المستوي دون التنازل عن كرامته أو انتماءاته حتى أصبح فيما بعد راعي قضية السود في أمريكا وترسخ ذلك مع فيلميه "خمن من سيأتي علي الغداء" و"في لهيب الليل ".
في السبعينيات تعرض بويتير لانتقادات شديدة بعد أن أصبح من أصحاب الثروات حيث قال عنه أحد النقاد " إنه المليونير الذي يرتزق بقضايا العنصرية "  وتحول مسار الكفاح الفني للسود إلي مرحلة جديدة علي يد المنتج المستقل ميلفن بيبليز  الذي تعاون مع الممثل هيواي نيوتن لتقديم نماذج من شخصيات الأمريكيين السود القادرة علي التعامل مع المجتمع بقوة وثقة ورغم ذلك لم تنجح هذه المحاولات في منح السود حقهم من الاحترام علي شاشة السينما حيث تزامن مع ذلك تقديم السود في الثمانينات لأدوار قطاع الطرق والصعاليك مثلما تزج هوليوود بممثلات من جنسيات وألوان مختلفة لتقديم أدوار العاهرات ولم يسلم مورجان فريمان نفسه من هذا الفخ حيث نجده 1987 في العمل الدرامي "Street Smart " يقدم شخصية قواد لكنه في الوقت نفسه حاز إعجاب النقاد وجعلهم يتوقفون أمام موهبته طويلا .
أما  الانتصار الأكبر للسود في هوليوود فجاء عام 2002 حينما فاز دينزل واشنطن بجائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم "يوم التدريب" وقد قدم دور  شرطي يحمي البلاد بعكس أدواره السابقة كصعلوك ومتشرد . قطب أسود آخر مهد الطريق لأوباما في هوليوود هو الممثل الكوميدي ريتشارد بريور الذي تناولت معظم أعماله قضايا العنصرية والعقد النفسية للرجل الأبيض وذلك في معالجات شديدة السخرية وربما الاستفزاز وتمكن من الانتشار وتقديم أعماله كما يريدها بمساعدة بعض المنتجين سواء الذين كانوا متحمسين للقضية أو واعين بتوجه الجمهور الأمريكي نحو الأعمال التي تضغط علي المناطق الحساسة لديهم . ورغم عدم احتلال بريور لمكانة كبيرة كنجم سينمائي فترة السبعينيات فإنه لقب بالمستفز الأسود بسبب عدد من المسلسلات الناجحة التي قدمها في هذا السياق عبر قنوات التليفزيون الأمريكية وهو ما حقق له شهرة وشعبية واسعة .
ينضم إلي هذه القائمة أيضا النجم الأسمر إيدي مورفي الذي بدأت انطلاقته في الثمانينيات وقد سلك الطريق ذاته وربما بسخرية أشد من السابقين حيث عرف عنه صراحته الشديدة خاصة فيما يتعلق بمشكلات السود السياسية والجنسية وقد تطورت أعماله تدريجيا حتى غدا من أهم أبطال أفلام الأكشن تلك الفترة ثم لحق به الممثل برني ماك . ومن العوامل التي ساهمت في تغيير صورة المواطن الأسود في نظر الشارع الأمريكي قيام كثير من الممثلين السود  بأدوار روحانية وخيرة غالبا ما تقدم نصيحة أو توجيها للبطل الأبيض في الوقت المناسب أي أنها تقول بصورة غير مباشرة أن السود يحملون في قلوبهم ضالة الرجل الأمريكي وأبرز مثال علي ذلك دور الممثلة السمراء هاتي ماك دانيال في فيلم "ذهب مع الريح" ولعل أفلام ويل سميث الأخيرة "أنا أسطورة" و "هانكوك" و"البحث عن السعادة" تقدمه -وهو البطل الأسود- كمخلص للعالم الذي يحمل بالطبع خطايا الرجال البيض وهاهم الأمريكيون الآن ينتظرون فعليا ما سيفعله المخلص الجديد – باراك أوباما – للشعب الأمريكي بعد كل ما عاناه من خطايا بوش .