Friday, March 26, 2010

قراءة في ملف الدورة ال81 لجوائز الأوسكار :

الأدب مصدرا لثراء السينما

حنان شافعي

قبل الدخول إلي عوالم الفائزين بالأوسكار خلف أو أمام الكاميرا سنتوقف قليلا أمام ملاحظة هامة علي الأفلام التي خاضت المسابقة هذه الدورة ووصلت إلي المرحلة النهائية من الترشيحات ثم لم تخرج عنها الجوائز . أهم وأول ملاحظة  علي أفلام الأوسكار هي أنهم جميعا مقتبسون عن أعمال أدبية سواء كانت رواية أو قصة أو مسرحية وهو درس قوي للقائمين علي السينما في بلادنا حيث انحدرت الصناعة بسبب انحدار محتواها الفكري الذي يعتمد بالأساس علي كاتب النص بعكس ما كان في الماضي من اقتباس للأفلام المصرية عن أعمال نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وغيرهم

. جائزة أوسكار أحسن فيلم ذهبت إلي "المليونير المتشرد" وهو مأخوذ عن رواية هندية بعنوان "سؤال وجواب" Q&A  للكاتب فيكاس سواروب وقد صدرت باللغة الإنجليزية عام 2005 لتحكي عن قصة فتي هندي بائس حالفه الحظ بالاشتراك في مسابقة "من سيربح المليون؟" ليجيب علي الأسئلة بالصدفة البحتة بسبب خبرته الحياتية الصعبة لكنه عندما وصل إلي الفوز بالمليون قبضته الشرطة بتهمة أنه غشاش . الرواية هي الأولي لمؤلفها وقد فازت بجائزة الرواية الأفريقية عام 2006 و جائزة أفضل عمل أدبي أول وتم الاحتفاء بها في معرض باريس الدولي عام 2007 كما بيعت حقوق ترجمتها إلي 40 لغة مختلفة وذاع صيتها بالطبع بعد النجاح الساحق للفيلم.  

الفيلم الثاني والأكثر تعقيدا في مسابقة الأوسكار هذا العام هو "حالة بنيامين بوتن المستعصية" أو  The Curious Case of Benjamin Button  بطولة الممثل الشهير براد بيت ومعه الممثلة المجتهدة كيت بلانشيت أما الإخراج فلديفيد فينشر وهو من أحدث ما قدمته السينما الأمريكية  من أفلام الدراما وقد تم ترشيحه لثلاثة عشرة جائزة من جوائز الأوسكار حصد منهم ثلاثة فقط :جائزة أحسن إخراج فني و أحسن ماكياج وأحسن مؤثرات بصرية . فيلم "بنيامين بوتن" مأخوذ عن قصة قصيرة بالاسم نفسه كتبها الأديب إف سكوت جيرالد الذي عاش في الفترة من 1896 إلي 1940 وهو روائي وشاعر وكاتب قصص قصيرة يعد من أهم كتاب القرن العشرين وهو الذي اخترع مصطلح "عصر الجاز" كما ركزت كتاباته علي موضوعات الشباب والحياة . له خمس روايات أهمها  "هذا الجانب من الجنة" و "الجميلة والملعون" وهو من الأدباء الذين انتقلوا للحياة بهوليوود لفترة وتأثروا بمناخها وكتبوا من أجلها أيضا . وتدور أحداث رواية بنيامين بوتن حول حالة نادرة لطفل يولد عجوزا وينمو بالعكس أي أنه يموت طفلا صغيرا نضرا بينما تكون حبيبته التي عشقها وهو عجوز وهي شابة متألقة ، قد شاخت وهرمت وتلك هي المعضلة . وقد تم صنع الفيلم بدقة متناهية خاصة فيما يتعلق بالمكياج وتقنيات الخدع البصرية إضافة إلي تقمص بيت للدور بدرجة أدهشت العالم وجعلت الجميع يفكر ثانية في علاقته بالزمن وجدوى التطورات التي تطرأ علي البشر .

"القارئ" أو The Reader هو الفيلم الثالث والذي فازت بطلته كيت وينسلت بجائزة أحسن ممثلة وهو مقتبس عن رواية بالعنوان ذاته للكاتب  الألماني برنهارد شلينك وترجمتها إلي الإنجليزية كارول براون  وشلينك هو قاض و أستاذا للقانون يقدم في روايته الصادرة عام 1995 استعراضا للظروف التي تتعرض لها الأجيال المختلفة بسبب خطيئة الهولوكوست والشعور الدائم بالذنب رغم موت الجيل الذي عاصر هذه الحادثة إلا أن الإعلام وتناقل القصص يسهم في إحياء الذكريات جيل بعد جيل . وقد لاقت الرواية استقبالا جيدا في ألمانيا وكذلك في الولايات المتحدة حيث تصدرت قائمة صحيفة "نيويورك تايمز" كأفضل مبيعات كما اختارتها الإعلامية الأمريكية أوبرا وينفري ضمن نادي كتب برنامجها الشهير إضافة إلي حصولها علي عدد من الجوائز.   

ومن الأفلام التي تنافست علي جائزة أوسكار أحسن ممثل هذا العام كان فيلم "نيكسون" أو Frost/Nixon المقتبس عن مسرحية بالاسم ذاته أيضا كتبها بيتير مورجان وأخرجها  للسينما رون هاوارد وكانت قد قدمت من قبل كعمل تليفزيوني بعنوان مقابلات نيسكون . الفيلم قام ببطولته فرانك لانجيلا و مايكل شيين وكيفين باكون   ، وتدور أحداثه حول  علاقة  نيكسون بأعضاء اللجنة الديمقراطية القومية وما تم تقديمه إليهم من تقارير حول فضيحة ووتر جيت الشهيرة وكذلك أنباء تصويت  النواب علي اتهام نيكسون بالخيانة وما كان يدور في أروقة البيت الأبيض حيال هذه القضية . وقد لفت هذا الفيلم الأنظار له بقوة عند إطلاقه بدور العرض وكذلك في المهرجانات الدولية التي تم عرضه فيها نظرا لحساسية القضية التي يتناولها وكذلك مدي اختلافه أو تميزه مع الأعمال الفنية التي قدمت من قبل حول الموضوع ذاته.
  
فيلم آخر من أفلام الأوسكار مأخوذ عن مسرحية هو "الشك" أو Doubt الذي كتب نصه الأصلي جون باتريك شانلي تحت عنوان Doubt:Aparable وقدمت علي مسرح برودواي عام 2004  وتدور الأحداث حول مفهوم الشك من منظور ديني "كاثوليكي" واجتماعي كما كان يناقشه البعض فترة الستينات وكيف تغير الشخصيات من مبادئها و معتقداتها في مقابل ظروف أو مصالح معينة. الفيلم قامت ببطولته الممثلة الكبيرة ميريل استريب ومعها كل من فيليب هوفمان وإيمي آدمز وقد حاز الفيلم علي إعجاب النقاد و ترشح لجوائز عديدة .