بعد احتدام المناقشة في ندوة فيلم جينا
القليوبي " لست معنيا بهذه المهاترات لأني أصنع عملا فنيا خالصا"
حوار:حنان شافعي
رغم تاريخه السينمائي الطويل سواء علي المستوي العملي أو الأكاديمي لم يسلم المخرج الكبير محمد كامل القليوبي من الهجوم الشديد علي فيلمه "نجيب الريحاني ..في ستين ألف سلامة" الذي تستأثر فيه السيدة جينا الريحاني بالكاميرا وتحكي تاريخ علاقتها بوالدها والأحداث المثيرة التي تتخلل مراحل تطور هذه العلاقة ثم رحلة البحث عنه واكتشاف عالمه الذي ظلت بعيدة عنه لسنوات طويلة وكما هو متوقع ومثلما دخلت جينا في دوامات إثبات النسب وشبهات الادعاء ، دخل القليوبي - بفيلمه- في جزء من الدائرة لذلك كان لنا معه هذا الحوار .
كيف جاءت فكرة عمل الفيلم ؟
الفكرة جاءت مع مقابلة السيدة جينا الريحاني في نوفمبر 2007 وكنت قد سمعت بوجودها من قبل و لاحظت رفضها الشديد لفكرة الظهور وحتى صعود المسرح في مهرجان القاهرة السينمائي حيث إهداء الدورة لروح الريحاني رفضت ذلك وبعيد كثير من الضغط عليها وافقت لكننا لم نكن متأكدين من حضورها حتى آخر لحظة ، في هذه الليلة تحدثت معها قليلا ولمعت فكرة الفيلم في ذهني خاصة بعد ما عرفته عنها من بحث عن تاريخ الريحاني و محاولتها إحياء تراثه فاقترحت عليها الموضوع وأيضا رفضت رفضا تاما .
وما الذي جعلها توافق بعد ذلك ؟
قررت عدم التخلي عن فكرة الفيلم وبالفعل سافرت إلي الإسكندرية للبحث عنها وعن كل من له صلة بها أو بالريحاني وحدث لقاء بيني وبين السيد محمد علبة رئيس جمعية محبي الريحاني وهو الذي ساعدني بكثير من المعلومات عنها ثم أقنعها بعد ذلك بقبول التصوير وحكي قصتها أمام الكاميرا كجزء من التوثيق لحياة والدها التي تجتهد في إحياء تراثه .
لكن ما الذي دفعك لتصديقها وتحمل مسؤولية الفيلم وما قد يتسبب فيه من تبعات ؟
الحقيقة هناك عدة أسباب يمكن الدفاع بها عن فيلمي أولها أنه ليس سيرة ذاتية للريحاني كما أشرت في بداية الفيلم إنما محاولة لكشف جانب خفي من حياة هذا الفنان الكبير . ..تلك القصة الرومانسية التي أفرزت هذه البنت الجميلة . ثانيا تحتوي هذه القصة /الفيلم علي تفاصيل عن الحرب العالمية الثانية هذا الحدث الذي غير مسار العالم ورغم أن مصر كانت بعيدة عنه أو لم تشعر به بشكل أو بآخر فقد كان سببا مباشرا في تدمير حب وحياة الريحاني . السبب الثالث إنساني بالأساس لأنني شعرت بمصداقية هذه السيدة ورغبتها الحقيقية في التقرب من هذا الأب العظيم دونما أي استعراض أو متاجرة بدليل ترميم مقبرته وإنشاء مسرح قيم في المدرسة التي كان يتعلم فيها إضافة إلي رفضها التام لفكرة الظهور وليس حبا في الشهرة كما يقال عنها .
إذن كيف تري الهجوم الشديد الذي يشنه البعض علي الفيلم وعليك أنت شخصيا علي أساس أنك تساند سيدة مدعية ؟
هؤلاء غير جديرين بالتعامل مع السينما أو احترام الوثائق وقد كان من الأولي أن يتعاملون مع الفيلم علي أساس فني كما أشارت في الندوة دكتورة درية شرف الدين أو كما قال فايز السيناريست فايز غالي ولعل المضحك في الأمر أن الناقدة خيرية البشلاوي التي هاجمت الفيلم بضراوة تعرف السيدة جينا جيدا منذ فترة طويلة والآن هي التي تتحدث عنها بهذا الشكل وتشكك في مصداقيتها كما نصحتني من قبل بعدم تنفيذ الفيلم مثلها مثل نقاد آخرين يهاجمون الفيلم من منطلق غير فني وكأنهم لم يمارسوا النقد من قبل ...فليس من المعقول أن تكون جينا ممثلة جبارة تخدعنا كل هذه الفترة أو أننا قمنا بتزوير الصور والخطابات التي وجدتها لدي والدتها وجدتها .
لكن الفيلم بالفعل يميل إلي السرد الشخصي أكثر من التوثيق ؟
العكس هو الصحيح ..لأننا بحثنا كثيرا عن وثائق ورقية أو صور تخص الريحاني ولم نجد حتي ما يخص علاقته ببديعة مصابني تلك النجمة الشهيرة في ذلك الوقت لم نجد لهما سوي صورة واحدة وذلك يرجع إلي شخصية الريحاني ذاته حيث لم يكن يحب التصوير أو حتي التوثيق ثم ما يخص جينا وجدنا صور والدتها بصعوبة بالغة وبذلنا فيها مجهود شاق لترميمها وإعدادها للتصوير وقد سافرت بنفسها إلي فرنسا وألمانيا للبحث عن أي مستندات أو صور تخص والديها فلم تجد سوي ما أظهرناه في الفيلم سواء ما حصلت عليه من الكنيسة أو غيرها ..وللحق أنها اقترحت علي مسألة عمل تحليل DNA لكني رفضت بشدة وسأظل أرفض لأني لست محققا بوليسيا ويكفينا ما ظهر في الفيلم من حالة انسانية ومشاعر خالصة من قبل هذه السيدة وهي تتحدث عن والدها وعلاقتها المثيرة بكل ما يخصه من تفاصيل .
وماذا عن ردود الأفعال التي لاقاها الفيلم عند عرضه خارج مصر ؟
تم عرض الفيلم بمهرجان أبو ظبي و مهرجان دمشق ولاقي ترحيبا واسعا وتفاعل الجمهور مع شخصية جينا وتلقائيتها أمام الكاميرا وإيمانها الشديد بوالدها والصدى نفسه حققه الفيلم عندما عرض في المركز الثقافي المصري بباريس بداية شهر فبراير وقد شهد الدكتور محمد إسماعيل المستشار الثقافي المصري بباريس بحجم الترحيب الذي حققه الفيلم هناك واحترام المشاهدين له ..(يضحك القليوبي بشدة) أعتقد أنهم سيقولون أن هذا الرجل متواطئ معي أو أني مستعين بكومبارس ليمثلوا جمهور المهرجانات !!.