في محاضرة ب"الثقافي العربي"
آثار الشارقة.. تنوع حضاري عبر كل العصور
حنان شافعي-الشارقة
قال مراقب المسح والتنقيب عن الآثار بإدارة الآثار، دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة،عيسى عباس حسين أن "الخريطة الأثرية لدولة الإمارات بدأت تتضح وتشمل كل أرجاء الإمارات كنتيجة للتنقيبات الأثرية المستمرة للفرق المحلية والأجنبية، كما أثبتت المكتشفات الأثرية التي تنتمي لفترات تاريخية تبدأ من الألف الخامس قبل الميلاد ووصولا للعصر الإسلامي، مدى التنوع الحضاري والثقافي الذي طالما ميز المجتمع الإماراتي" جاء ذلك خلال المحاضرة التي نظمها النادي الثقافي العربي مساء الاثنين،أول من أمس، بعنوان "المكتشفات الأثرية بإمارة الشارقة" أدارها رئيس مجلس إدارة النادي، الدكتور عمر عبد العزيز ، وقد صاحبها معرض لصور تعبر عن مختلف أنواع المكتشفات التي تم العثور عليها بواسطة عمليات التنقيب.
وأكد عيسى حسين أن السمات الطبيعية أو الجغرافية لدولة الإمارات هي سر هذا التنوع الحضاري حيث تنتشر المناطق الأثرية الهامة بين "سلسلة جبال الحجر" و "جبل حفيت" و"جبل مليحة" و "الفاية" و"البحيص"، إذ كانت تلك المناطق ذات جذب سكاني لما توفر فيها من منابع المياه وقرب الآبار من السطح. وأضاف المنسق العام لمعرض التراث الحضاري لتاريخ الإمارات 2010 ، أنه " لكل منطقة دور جغرافي وحضاري خاص بها فمثلا نجد المناطق الساحلية والجزر تمتلك ميزات الاتصال مع العالم الخارجي وهو ما أكدته المكتشفات الأثرية، أما المناطق الصحراوية،والمعروفة حتى الآن، فكانت بوابة لحركة القوافل من داخل شبه الجزيرة العربية إلى المدن القديمة.
التاريخ يحكي
وحول بدايات عمليات التنقيب والبحث عن الآثار في دولة الإمارات، قال حسين أن "أولى عمليات التنقيب كانت نهاية الخمسينيات عندما قام سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (رحمه الله) بدعوة الفريق الدنمركي للعمل في إمارة أبو ظبي وكانت هذه نواة عملية البحث الأثري في الدولة، ثم وجهت لهم دعوة من قبل صاحب السمو الشيخ خالد بن محمد القاسمي حاكم الشارقة السابق، لزيارة طوي مليحة" وقد تمت أولى الحفريات في الشارقة عام 1973 على أيدي فريق من علماء الآثار العراقيين في المنطقة ذاتها، أما عام 1984 فدعت دائرة الثقافة والإعلام علماء فرنسيين للعمل في الإمارة ثم بدأت فرق البحث المحلية دخول مجال التنقيب في 1992 في موقع "كلباء" وتوالت منذ ذلك التاريخ أعمال الفرق الأجنبية في مواقع الشارقة حتى الآن. وقد أسفرت كل هذه المحاولات عن اكتشافات أثرية قيمة ومتعددة الدلالة ،كما نجح علماء الآثار في تحديد العصور الزمنية التي تنتمي إليها المكتشفات بداية من العصر الحجري القديم والأوسط ثم الحديث (الألف الخامس قبل الميلاد) وحتى بداية العصر الإسلامي.
وتتنوع القطع الأثرية المكتشفة بين عظام البشر والحيوانات من جمال وأحصنة وغزلان والفخار والأدوات الحجرية ورؤوس السهام وأيضا الأحجار الكريمة التي وجدت في صورة قلائد وحلى . ولعل أبرز الاكتشافات كانت النقوش الكتابية التي برهنت على معرفة الكتابة في دولة الإمارات منذ عصور طويلة، كما تم العثور على أنواع وأشكال متعددة من المقابر الأثرية التي كشفت النقاب عن أشكال الدفن وكيفية التعامل مع الطبقات الاجتماعية وفكرة الموت التي تعامل معها القدماء بصورة فلسفية وإبداعية، حيث أشار مراقب المسح والتنقيب بإدارة الآثار إلى تأثر الإنسان الأول الذي عاش على أرض الإمارات بحضارات متعددة منها حضارة بلاد الرافدين وبلا فارس وغيرها من الحضارات المجاورة. يذكر أن هناك عدة جهود محلية تهدف إلى حماية الرصيد الأثري للشارقة منها مثلا ترميم المواقع لحفظها من الاندثار ، و تأمين المناطق الأثرية بوضع تسييج وحراس لمباشرتها على مدار الساعة ،كما صدر قانون للآثار ينظم العمل الأثري والعلاقة بين إدارة الآثار والإدارات الأخرى في الإمارة فضلا عن تنظيم علاقة الإدارة بالبعثات الأجنبية.
No comments:
Post a Comment