Monday, August 16, 2010




مأخوذة عن رواية غسان كنفاني

"عائد إلى حيفا"...عن قضية الجمال وجمال القضية



"إذا أردت أن تسترد صورتك في حيفا، فعليك أولا أن تسترد حيفا.. أشجار حيفا..وأهل حيفا..وطيور حيفا"بهذه العبارة الموجزة لخص المخرج الفلسطيني يحي البشتاوي قضية شعب بأكلمه  تراوده أحلام العودة إلى الديار ويعيش على أمل استرداد الحقوق، وذلك من خلال العرض المسرحي الذي استضافته خشبة معهد الفنون المسرحية بالشارقة في الثامنة من مساء الجمعة والسبت الماضيين في لقاء فني مميز حضره عدد كبير من المسرحيين الإماراتيين والإعلاميين فضلا عن أبناء الجالية الفلسطينية بالدولة. وتنتمي هذه المسرحية إلى فن المونودراما الذي يجيده بطل العمل ،الممثل والمخرج المسرحي الفلسطيني غنام غنام الذي بدا على خشبة المسرح وكأنه على سجيته دونما أي أداء احترافي .

رمز المقاومة

هذا العمل تم اقتباسه عن رواية الأديب الفلسطيني الكبير غسان كنفاني "عائد إلى حيفا" التي صدرت عام 1968 وقد اختارها المخرج للاشتغال عليها وتحويلها إلى نص مسرحي ولكن بروح تناسب الأحداث الحالية والتطورات التي طرأت على القضية الفلسطينية والمنطقة العربية بصفة عامة وتم ذلك عبر ورشة عمل ساعده فيها غنام غنام الذي علق قائلا:"ليس هناك ما يعبر عن حال الفلسطينين والعرب ككل أكثر من نص لغسان كنفاني رمز المقاومة، لكننا قررنا مراعاة الأبعاد الزمنية في الأحداث وكذلك التطورات التي استجدت على الحالة الفلسطينية منذ صدور الرواية إلى وقتنا الحالي" وفيما يخص الدلالة الزمنية للأحداث أكد غنام أنه "وقت صدور الرواية كانت المقاومة الفلسطينية في ذروتها، وكانت قضية تحرير الأرض هي الهم الشاغل لكل عربي بل "إن القضية الفلسطينية كانت تشكل هوية المثقف العربي على وجه الخصوص في ظل المشروع القومي" مشيرا إلى تغير الأوضاع العالمية وقد "أصبح التشرذم هو واقع الإنسان العربي". 

وعلى الصعيد الدرامي ،يقدم العرض المسرحي "عائد إلى حيفا" اسكتشات حوارية عبر توليفة من الحكايات لشخصيات تسعة نراها ونسمع صوتها على المسرح من خلال أداء الفنان غنام غنام الذي نجح في تقديم نماذج درامية مختلفة للأب والأم والجدة العجوز والابن الشاب والمستوطن البولندي وزوجته وابنه المجند في الجيش الإسرائيلي ، كل ذلك بخفة ملحوظة وأداء صوتي به كثير من الجهد، إضافة إلى قليل جدا من أدوات الديكور المسرحي والسينوجرافيا. ويلاحظ من ذلك أن البطل الأول هو النص الذي اهتم به القائمون على العمل، المخرج والممثل، لدرجة أنه جاء مفعما بالمشاعر الوطنية وأجواء الخطابة السياسية التي كثيرا ما تقع في فخها الأعمال الأدبية و الفنية التي تدور في فلك قضايا الوطن والاحتلال.

                     صناع الحلم

وبعيدا عن التقييم الفني لهذا العمل المسرحي، تتخذ مثل هذه العروض طابعا خاصا إذ تعتبر فرصة لتجديد الأمل والتذكير بالهم المنسي ربما في خضم الحياة وتحدياتها التي لا تنتهي. اتضح ذلك بقوة من خلال أروقة مسرح معهد الشارقة للفنون التي امتلأت عن آخرها بالمشاهدين،أغلبهم فلسطينيين، الذين جاءوا متشحين بالكوفية الفلسطينية وقد أصبحت رمزا عالميا للحق المستلب ارتدتها راشيل كوري مثلما ارتداها محمد الدرة ،وأيضا كانت من المفردات المميزة على المسرح حيث استعان بها غنام غنام الذي أخذ يردد أسماء عدة ساهمت،بحسب قوله، في صناعة الحلم الفلسطيني سواء باستمرار المقاومة أو بتعريف العالم بأبعاد القضية. يقول غنام"هناك منظومة لصناعة الحلم الأمريكي والصهيوني في المنطقة وكذلك للحلم الفلسطيني صناع أقوياء على صعيد الأدب والفن والغناء على مستوي الوطن العربي في مقدمتهم ،غسان كنفاني وناجي العلي وإبراهيم نصرا الله ومحمود درويش والشيخ إمام وجهاد وإياد الوارد أسمائهم في العمل وغيرهم ممن حملوا رسالة المقاومة". يذكر أن هذا هو العرض الأول  لمسرحية "عائد إلى حيفا" بدولة عربية بعد إطلاقه في عمان العام الماضي، ومن المزمع عرضه في جولة عربية  خلال الأشهر القادمة سوف تبدأ  في سوريا ثم لبنان  و فلسطين، كما يتوقع عرضه في الولايات المتحدة وأوروبا" 

No comments: