Monday, December 20, 2010

الإعلامي الأمريكي بوب أرنوت:

"أصنع أفلاما لأوثق حكايات الناس"


حوار: حنان شافعي

حينما يؤمن الإنسان برسالة إنسانية ويكرس لها حياته لا يشترط أن يكون اختصاصيا أو ملما بأدوات تحقيقها بل إنه يشحذ كل مواهبه وطاقاته لتوصيلها ومن ثم إحداث ولو فرقا بسيطا في حياة الآخرين، هذا ما يمكن أن نلخص به تجربة الطبيب والإعلامي الأمريكي بوب أرنوت الذي بدأ ولعه بالقضايا الإنسانية وخدمة المجتمع المدني عام 1980 كمدير لخدمات الطوارئ المحلية  بالولايات المتحدة حيث كان مسئولا عن تدريب وتوجيه 25 ألف طبيب يعملون في 116 مستشفى بما في ذلك وضع الخطط لتطوير الخدمة ، بعد ذلك تعددت مهامه ما بين مدير بالمفوضية العليا لشئون اللاجئين و مؤسسة حماية الأطفال "سيف تشيلدرن" وغيرها . 

أما علاقته بالإعلام فكانت مع مؤسستي  NBC news   و CBS كمراسل طبي من دول متعددة من العالم تابع خلالها ضحايا الإيدز والمجاعات والإبادة الجماعية،  كذلك من خلال سلسلة المغامرات Dr.danger    التي تنقل خلالها عبر مناطق خطيرة في القارة السمراء من بينها الصومال  وكينيا و جيبوتي وجنوب أفريقيا ومؤخرا دارفور فضلا عن اليمن والسعودية وسوريا سجل خلالها العديد من اللقاءات النادرة والمشاهدات غير التقليدية. المدهش في تجربة بوب أرنوت هو حرصه على توثيق الحالات والقضايا الإنسانية التي شاهدها في هذه المناطق إضافة إلى بؤر الحروب التي سافر لتوثيقها حية رغم شدة خطورتها ، في مقدمتها حرب الخليج و العراق وأفغانستان ورواندا وكوسوفو الذين صنع فيهم أفلاما وثائقية حقيقية من خلال كاميرا صغيرة لا تفارقه أبدا. "الصدى" التقت الدكتور أرنوت خلال زيارته لمدرسة السينما بأبوظبي حيث عقد محاضرات ونقاشات مع طلاب المدرسة حول تجربته وصناعة الفيلم الوثائقي.   

·         كيف تحولت من مجرد طبيب إلى مراسل شهير ثم مخرج سينمائي؟
السبب ببساطة هو الولع بالمعرفة خصوصا ما يتعلق القضايا الإنسانية، هناك العدد من القصص التي أريد أن أحكيها عن الناس في أنحاء مختلفة من العالم مثل قصص الإبادة الجماعية في الصومال والحملات العسكرية في الكونغو ومعاناة الأطفال الصغار في سيراليون أو ضحايا النزاع في دارفور وقد زاد اهتمامي بذلك بعد أحداث 11 سبتمبر حيث تأزمت القضايا الإنسانية أكثر ومعها بدأت أتحرك باتجاه مجتمعات أخرى مثل أفغانستان والسعودية واليمن.   

  • إذا كيف يمكن للمديا أو وسائل الإعلام أن تخدم القضايا الإنسانية في رأيك؟
أنا مؤمن بشدة بأهمية وسائل الإعلام كأداة للتواصل والتعريف بالقضايا المختلفة، ولأني طبيبا بالأساس وأقدر جيدا حجم المعاناة الإنسانية في المناطق التي زرتها كنت أصاب بالإحباط وأشعر أنه على فعل شئ أكبر من مجرد تقديم إسعافات أو خدمات طبية ، لكني مع الكاميرا شعرت ببعض الأمل من خلال توثيق الحالات الإنسانية والصور وقصص الناس من خلال عيونهم هم وليس أي تصورات أخرى وبالتالي تعريف الآخرين بها من عبر التليفزيون أو الانترنت وحتى الموبيل.  

  • يلاحظ في أفلامك الوثائقية نزعة واقعية شديدة وفي الوقت نفسه علاقة حميمة مع الناس كيف تتمكن من صنع ذلك ؟
عملي في مشروعات وبرامج إنسانية تابعة لمنظمات كبيرة مثل مفوضية اللاجئين أو الأمم المتحدة ساعدني كثيرا في تعلم كيفية الوصول إلى الناس وتقديم المساعدة لهم، أيضا كوني طبيبا يجعل الناس يثقون بي وينتظرون مني مزيدا من الدعم وقد شعرت بذلك كثيرا في الصومال وخلال عملي بمستشفى الأطفال ببغداد حيث كانت لي تجربة مع 3 آلاف طفل مصابين باللوكيميا وبالفعل نجحت في مساعي نقل عدد منهم لتلقي العلاج في عمان بالأردن، والأهم من تقديم المساعدة للناس في رأيي هو احترامهم وتقدير المعاناة التي يعيشون فيها وما إذا كانوا يمرون بحالات مزاجية صعبة ، كما أني أجتهد في تعلم لغتهم لكي أتواصل معهم بصورة أعمق مثلما تعلمت اللغة العربية في صنعاء.
  • من خلال عملك مع مؤسسات إعلامية أمريكية كبيرة وأيضا خبرتك في العالم العربي ما هو رأيك في مساحة الحرية الإعلامية ؟ وكيفية نقل الصورة الحقيقية؟
لا شك أن الإعلام الأمريكي مسيس وموجه بنسبة كبيرة مثلما هو الحال في العالم العربي، ولا أحد يستطيع أن يؤكد بمدى صدقية ما يقال حتى ما قيل عن نتائج الانتخابات الأمريكية ذاتها لا يمكن الوثوق به  كما لا أستطيع أن أجزم بأن أوباما هو أفضل أو أسوأ رئيس في العالم . في الإعلام العربي هناك قنوات إخبارية شهيرة جدا لكنها موجهة وأنا اكتشفت ذلك من خلال حديثهم عن موضوعات كنت شاهدا عليها بنفسي، ولكن لا تتوقف الأداة الإعلامية عند قنوات التليفزيون الموجهة أو الصحف بل هناك الانترنت الذي أضع عليه فيلمي الوثائقي فيشاهده ملايين من الناس في مختلف أنحاء العالم، وهناك شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها وبالتالي من يريد أن يوصل رسالة حقيقية لا يمكن لأحد أن يمنعه بسبب تعدد الوسائط الإعلامية.
  • ما هو مفهومك عن الفيلم الوثائقي؟
في رأيي الفيلم الوثائقي يبدأ من رغبة فرد في توثيق حالة أو قصة ثم كيفية نقل هذه الحالة في صورة جمالية وبسيطة في الوقت نفسه، كما أنه من أفضل وسائل التعليم والتوعية في أي موضوع أو إنساني أو علمي وخلافه وقد أدركت ذلك جيدا عندما كنا نصنع أفلاما للتواصل مع اللاجئين بلغاتهم ،هو في الحقيقة اختيار صعب ومرهق لكننا لم نعد في حاجة إلى ميزانية ضخمة أو استوديوهات لصنع فيلم جيد بصفة عامة.
  • بصراحة، ما هو رأيك في مستوى طلاب مدرسة السينما بأبوظبي؟وماذا حرصت على تقديمه لهم خلال المحاضرة؟
 - هم بالفعل محبون للعمل السينمائي ولديهم طاقات وأفكار جيدة جدا ومستقلة، ربما تجدهم غير منتبهين تماما أو منشغلين باللعب في هواتفهم النقالة لكنهم متحمسون لأن يصبحوا مخرجين متميزين. أما المحاضرة فكانت عبارة عن نقاش فني وفكري مفتوح على كل الأسئلة التي تدور بأذهانهم ، من جانبي تحدثت إليهم عن تجاربي في مناطق مختلفة من العالم وعرضت عليهم مقتطفات وأمثلة لنماذج من أفلامي وهم بدورهم طرحوا أسئلة كثيرة حول الكاميرات المستخدمة وتقنية التصوير ، كما اقترح بعضهم أفكار وقضايا تصلح لصنع أفلام وثائقية هامة، ونصيحتي الدائمة لهم ولكل المهتمين بصناعة السينما بأن يجتهدوا لتنفيذ كل ما يخطر على بالهم من أفكار فقط يقومون بكتابتها والبدء في تنفيذها مباشرة، أن يصنعوا أفلاما عن مجتمعاتهم من حيث العادات والتقاليد والتنوع الثقافي كما هو في دولة الإمارات. 

No comments: