بمناسبة المؤتمر المحلي الأول لصحة المرأة بالإمارات
مديرة مستشفى الرحبة نيللي بوما "التدخين أخطر ما يهدد صحة المرأة"
حوار : حنان شافعي
في ظل تسارع وتيرة الحياة تتزايد الضغوط النفسية والاجتماعية على المرأة باعتبارها الكائن الأضعف والأكثر حساسية في الأسرة، ولأنها مطالبة بالإنجاز وإثبات جدارتها على مستويات عدة تحاول دائما أن تبدو الأفضل حتى لو دفعت ضريبة ذلك من صحتها ولياقتها البدنية أو قوة احتمال جهازها العصبي. وخلال العقود الثلاثة الأخيرة كثر الجدل حول أمراض نسائية بعينها مثل سرطان الثدي والرحم أو هشاشة العظام فضلا عن الأمراض الناجمة عن التدخين أو السمنة أو حتى وسائل منع الحمل الهرمونية، وبالطبع لا يتوقف حجم المشكلة عند المعاناة الجسدية رغم فداحتها بل يصحبها معاناة نفسية واجتماعية ومادية لتصبح النهاية مفتوحة على كل الاحتمالات.
مؤخرا نظمت مستشفى الرحبة التابعة لهيئة الخدمات الصحية بأبوظبي مؤتمرا محليا تناول المشكلات المختلفة المتعلقة بصحة المرأة وهو الأول من نوعه داخل الدولة حيث تحدثت فيه 21 طبيبة وباحثة يختصون بتلك المشكلات، كما حضره جمهور غفير من المهتمين كان أغلبهم من السيدات وهو ما جعل المؤتمر بمثابة تظاهرة لبحث كيفية توعية المرأة والمجتمع بصفة عامة على أيدي سيدات أخريات يدركن بعمق حجم المشكلة خصوصا صحة المرأة الإماراتية مع تزايد معدلات الإصابة بأمراض نسائية داخل المجتمع الإماراتي، وكذلك اقتراح حلول من خلال مبادرات صحية كالتي أطلقتها مستشفى الرحبة منذ شهور قليلة، ثم التأكيد على ضرورة تحمل الإعلام مسئولية تجاه المجتمع ورفع مستوى الوعي الصحي.
أما السيدة "الدينمو" التي كانت تتحرك بين ضيوف المؤتمر والمشاركين فيه بحماس ملحوظ فهي "نيللي بوما" المديرة الطبية لمستشفى الرحبة وأول المتحمسين للمؤتمر ومختلف الأنشطة التوعوية الخاصة بصحة المرأة ، حيث تحدثت إلى "الصدى" كالآتي:
- كيف جاءت فكرة المؤتمر؟
في العالم الماضي نظمنا مؤتمرا حول إصابات الحوادث والطوارئ ووفيه تم تناول الإصابات التي تخص المرأة على وجه التحديد لكنه كان متخصصا في إصابات معينة كما كان معظم المتحدثون فيه من الرجال، بينما هذا العام فكرنا في تنظيم مؤتمر متخصص في قضايا المرأة فقط والقضايا المتنوعة وليست الشائعة في المحافل الطبية مثل الحمل والرضاعة وخلافه على أن يكون المتحدثون فيه من النساء أو الطبيبات المختصات.
- وما دلالة أن يكون المتحدثون فيه من النساء ؟
كما ذكرت في إجابة السؤال السابق اعتدنا على أن تتناول المحافل الطبية والمؤتمرات قضايا المرأة من زوايا بعينها في كل مرة تتكرر ويتحدث عنها الرجال أكثر من النساء، أما مؤتمرنا هذا فقررنا أن يكون من المرأة ولها لأن الطبيبات سيدات أيضا يجربن نفس خبرات المرضى وحينما يعبرن عنها فكأنما يعبرن عن أنفسهن.
- في كلمتك خلال افتتاح المؤتمر أكدت على كونه محليا خالصا سواء على مستوى المتحدثين أو القضايا الصحية التي يتناولها، فكيف ذلك؟
بالفعل هو مؤتمر محلي من حيث التنظيم والمضمون والمرأة الإماراتية التي دارت المناقشات حول مشكلاتها الصحية لأنه من المتداول أن يتم استضافة اختصاصيين من أماكن أو بلدان أخرى عندما يتم تنظيم مؤتمر ما أما نحن كمنظمين فقررنا أن نستعين بالكوادر الطبية المحلية لصنع هذه التظاهرة الصحية فبدأنا أولا بالطبيبات الإماراتيات مثل الدكتورة جالا طاهر، والدكتورة مريم المزروعي باعتبارهن الأكثر شعورا بالبيئة المحلية وأقدر من يعبر عن مشكلات المرأة الإماراتية، ثم فكرنا في الطبيبات الوافدات اللاتي يعملن داخل الدولة من عرب وأجانب سواء كانوا من العاملين بمستشفى الرحبة أو القطاع الصحي بصفة عامة لأنهن أيضا يعرفن أكثر من خلال المرضى المترددين عليهن هذا فيما يخص المتحدثين. أما القضايا محل النقاش فقمنا بحصر الأمراض والمشكلات الصحية التي تعاني منها المرأة في المجتمع الإماراتي في 15 موضوع أهمهم السكري ، أمراض القلب، سرطان الثدي الذي ارتفعت معدلاته بصورة كبيرة في دولة الإمارات، الجلطات، هشاشة العظام، أمراض التدخين وبالطبع ما يتبع ذلك من تأثيرات على الحمل والأطفال.
- من الموضوعات المطروحة في المؤتمر أيضا "القيادات النسائية في مجال الرعاية الصحية"، فما هو تقييمك لها في دولة الإمارات؟
بصراحة في الإمارات نجد نسبة القيادات النسائية ضئيلة ربما بسبب قلة عدد الدارسين للطب من الفتيات الإماراتيات وبالتالي نجد القليل منهن من يتحمل مسئولية قيادة مؤسسة صحية أو شغل منصب مهم في هيئات الصحة التابعة للحكومة ولكن رغم ذلك الموجودات منهن استطعن تحقيق نجاحات كبيرة جدا وغير متوقعة سواء في تطوير أنفسهن على المستوى العلمي والدراسي أو فيما يختص بوظائفهن ومنهن الدكتورة مريم المزروعي على سبيل المثال. من جانب آخر نلاحظ أيضا قلة عدد القيادات النسائية غير الإماراتية في المجال الصحي ، فأنا مثلا أعمل مديرة طبية لمستشفى ضخم كمستشفى الرحبة وقد فوجئ الكثيرون باختياري لهذا المنصب وربما توقعوا عدم قدرتي على السيطرة على الموقف لكنني استوعبت ذلك جيدا وقد مر الآن أكثر من عامين على شغلي لهذا المنصب.
- قدمت في المؤتمر ورقة حول التدخين وآثاره السلبية على صحة المرأة، فماذا كان محتواها؟ وأهم ما يخص المرأة الإماراتية منها؟
أولا أحب أن أؤكد دائما أن التدخين هو من أخطر المؤثرات السلبية على صحة المرأة وفي الوقت نفسه من أبسط الأشياء التي يمكن التوقف عنها وتجنب أضرارها. في المجتمع الإماراتي تبلغ نسبة المدخنين بصفة عامة 25 % بناءا على إحصائيات منظمة الصحة العالمية ويقدر نسبة تدخين السيدات في ذلك ما يزيد على 2,6 % وهو معدل آخذ في النمو بصورة واضحة خصوصا تدخين الشيشة الذي يمثل خطرا مضاعفا 200 % عن السجائر. وبالنسبة إلى المرأة تنعكس آثار التدخين على مختلف مكوناتها الجسدية بداية من البشرة وحتى أمراض القلب والسرطان، كما أنه يجعل المرأة الحامل تعاني عشرات الأمراض أبسطها الولادة المبكرة وارتفاع ضغط الدم وربما الإجهاض. لقد ركزت فيما طرحته على أهمية التوعية بمخاطر التدخين وإمكانية التخلص منه وتجنب مشكلاته مبكرا لأن المشكلة الحقيقة في كونه مظهرا اجتماعيا مرتبطا بالتجمعات والحفلات والجلوس على المقاهي وأحيانا التباهي أمام الناس ، وللأسف هذا ما يحدث في المجتمعات العربية ومن بينها الإمارات.
- تعرف مستشفى الرحبة باهتمامها بصحة المرأة والمواليد، فما هي أحدث المبادرات في هذا الصدد؟
المؤتمر الذي نتحدث عنه هنا ينطلق أساس من "برنامج مبادرة صحة المرأة" الذي قد أطلقته مستشفى الرحبة في يناير 2009 بهدف التعرف على عدد المصابات بسرطان الثدي وسرطان عنق الرحم وهشاشة العظام في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال عملية الكشف المبكر. وتعتبر مكافحة الإصابة بالمرض من خلال فحص المريض، والرعاية المبكرة في الثلث الأول من الحمل، وبرامج الرضاعة وبرامج التوعية العامة من المبادرات الخاصة بصحة المرأة التي تستخدم لتشجيع إدارة أنماط الحياة الصحية. كذلك استضاف المستشفى مؤخراً حملة للتوعية بسرطان الثدي تمكن من خلالها الزوار والمرضى من التعرف على المعلومات الضرورية حول هذا المرض بعد التحدث مباشرة مع الأطباء، كما تم إطلاق وحدة تصوير الثدي الرقمية الجديدة والتي تضم أحدث ميزات تكنولوجيا التصوير الرقمي مع كافة الميزات الميكانيكية والبرمجيات الضرورية المتاحة على الموقع، وتمكن هذه الوحدة الجديدة من سرعة الحصول على الصور وحفظها، فضلاً عن توفير تحليل حاسوبي متقدم للإصابة (كاد).
- أخيرا، بماذا تنصحين المرأة الإماراتية والعربية بصفة عامة للاعتناء بصحتها؟
- أقول لهن "أسلوب الحياة" ثم "أسلوب الحياة" ثم "أسلوب الحياة" هذا هو مرجع المشكلات جميعا، من تريد الحفاظ على صحتها ولياقتها عليها إتباع أسلوب حياة صحي وهو ليس بالشئ الصعب ولكن يحتاج إلى الانضباط فقط من حيث تناول طعام صحي، والمواظبة على التمرينات الرياضية، والإقلاع عن التدخين، ومتابعة الهيئات الطبية بشكل دوري فأجسادنا مثل السيارات التي نملكها إذا لم نمر بها على مراكز الصيانة فلن تعمل وسوف تعتل أجهزتها واحدا تلو الآخر، وعلى المرأة في المجتمع الإماراتي الدخول في تحد مع نفسها في عدم تناول الأطعمة السريعة والتقليل من النشويات والسكريات التي يتم استهلاكها في الإمارات بنسب مرعبة، وقبل كل شئ الوعي بالمشكلات الصحية أو التاريخ المرضي لكل فرد في الأسرة خصوصا من لديها استعدادات وراثية تجاه مرض بعينه .
No comments:
Post a Comment