Thursday, June 2, 2011

المصورة الإماراتية ميثاء بنت خالد

بين حداثة الصورة وعشق الأبيض والأسود

أبوظبي _حنان شافعي

ببساطة واضحة تتحدث المصورة الإماراتية ميثاء بنت خالد عن علاقتها بالكاميرا والصورة والألوان لكنك سرعان ما تكتشف سر تلك البساطة وعمقها بمجرد أن تبدأ جولتك في معرضها، وتجد نفسك منجذبا ومستسلما تارة إلى صراحة الأبيض والأسود المسيطران على معظم أعمالها، وتارة أخرى إلى موضوعات الصور في حد ذاتها التي تتورط بقوة في البيئة الإماراتية الأصلية من حيث التفاصيل والهدوء والأجواء التراثية ثم قبل وبعد كل شئ "الصقور" تلك الطيور التي تربطها بالإماراتيين علاقة خاصة. تقول ميثاء، التي التحقت بمعهد نيويورك للتصوير الفوتوغرافي إضافة إلى كونها طالبة بكلية الآداب جامعة زايد، أن علاقتها بالتصوير بدأت في مرحلة مبكرة من عمرها وبصورة فضولية إلا أن ممارستها لفعل التصوير على المستوى العملي بدأ منذ عام 2003  حيث انضمت إلى جمعية الإمارات للتصوير الضوئي وفيها تلقت تدريبات على أسس التصوير من خلال ورش العمل والدورات التي تعقدها الجمعية بانتظام وتسهم بصورة كبيرة في تعزيز موهبة الكثير من المصورين الإماراتيين.

ويعد التصوير الفوتوغرافي من أبرز الأنشطة الفنية على الساحة الثقافية وحتى الإجتماعية الإماراتية حيث يجد الكثير من الشباب والشابات الإماراتيات في ممارسة فن التصوير فرصة لاثبات أنفسهم ومن ثم الإنطلاق في اكتشاف الحياة من حولهم خصوصا في ظل توفر الإمكانات المادية والتقنية، حيث يقتني معظمهم كاميرات على أعلى مستوى من الإحترافية، وكذلك توفر الدعم المعنوي المتمثل في التشجيع العام لممارسة التصوير سواء من خلال المسابقات الكبرى التي تعقد في كل إمارة من الإمارات السبع تقريبا بصورة سنوية، أو إقامة المعارض المجهزة والدعاية لها وبالتالي للمصور الذي يملؤه الحماس لتطوير نفسه وامتلاك أدواته حين ينال كل هذا التشجيع والشهرة فضلا عن حبه للفن ذاته.

ولعل ميثاء بنت خالد نموذجا قويا لنجاح الموهبة عندما يتم تطويرها والعمل عليها من ناحية ومن ناحية أخرى عندما تتمتع بخصوصية تميزها عن غيرها. أما خصوصية الصورة التي تلتقطها ميثاء فتكمن في عنصرين أساسيين : أولهما المكان ويمثل الفضاء الجغرافي الذي تختاره المصورة ليكون خلفية لموضوع صورها وعند ميثاء ليس بعد الصحراء مكان، والصحراء في الإمارات ليست خالية تماما بل تحتفظ بنوعيات مختلفة من الأشجار والتضاريس وبالطبع الحيوانات والطيور التي تشكل كلها موضوعات جاذبة لعدسة الكاميرا وصاحبتها التي تعتز كثيرا بالبيئة الإماراتية وتراثها القديم. تقول "البيئة الإماراتية البسيطة والقديمة هي عشقي الأول وهي المكان الذي أريد تعريف العالم به عن طريق الكاميرا والصورة طمعا في نشر ثقافة الصورة من ناحية وإبراز جماليات التراث الإماراتي من ناحية أخرى" لافتة إلى عدم انبهارها كثيرا بمظاهر الحداثة التي طرأت على المجتمع الإماراتي سواء في الطراز المعماري أو أسلوب الحياة الاستهلاكي والسريع البعيد عن البيئة الطبيعية.

وبالحديث عن البيئة الطبيعية يلاحظ تركيز بنت خالد على مفردات أو موضوعات معينة لتصويرها في أكثر من مكان وبزوايا مختلفة مثل "الجمال" و "الصقور" و "أشجار الصحراء" و "الخيل" و "الحياة البرية" و "الصيد" كلها من الأشياء الأثيرة لدى الإماراتيين على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية. وتستحوذ الصقور على نصيب الأسد في أعمال ميثاء بنت خالد حتى أنها فازت بالمركز الأول في مسابقة التصوير محور الصيد ، معرض الصيد والفروسية 2008 و المركز الثاني في مسابقة الغربية ،محور الحياة البرية 2009 . وعن اهتمامها بالصقور كموضوع للتصوير الفوتوغرافي تقول ميثاء بنت خالد " الصقر يرمز إلى عدة أشياء خاصة لنا في دولة الإمارات وفي دول الخليج بصفة عامة ، فهو رمز للشموخ والطموح والقوة ، كما ان له مكانة خاصة عندنا لأنه الشعار الذي يزين علم بلادي ، والصقر يعتبر من تراثنا الذي تعودنا وتربينا عليه ، فأنا منذ الصغر تعودت على الصقور والتعامل معهما، حتى اصبحت تربطني علاقة قوية، وتأقلم عجيب" مؤكدة أنها تملك قدرة على ترويض الصقر أمام الكاميرا لكي تلتقط له صورا مختلفة، كما أنها بصفة عامة وكما يظهر في الصور، تجيد التقاط صور للحيوانات في لحظات مثيرة وشديدة الدقة أثناء الحركة مثلا أو القفز.

العنصر الثاني في الخصوصية التي تتمع بها تجربة ميثاء في التصوير يتعلق باللون، ومع التطوير التكنولوجي السريع الذي يشهده عالم التصوير والكاميرات وشيوع تقنية التصوير الرقمي أو "الديجيتال" أصبح هناك الكثير من الاستستهال أحيانا وأحيانا أخرى استخدام تلك الإمكانات في صنع إبهار شديد في الصورة من خلال الألوان وبرامج الفوتوشوب التي ربما يصعب معها التفريق بين الطبيعي والمصطنع. أما صور ميثاء بنت خالد فتكاد تخلو من كل ذلك بل تزهد في معظم الألوان ليبقى الضدين العملاقين في حضور طاغ، إنه الأبيض والأسود الذين تنسج منهما ميثاء صورا بديعة تنم عن تلقائية وعفوية الصورة والموهبة التي تقف وراءها في لمحة واحدة. وهي لا ترى في ذلك انتقاصا من جماليات أعمالها بل تصر بنت خالد على قصديتها وعلى أنها لا تحب التدخل في الصورة كثيرا سواء في تصحيح الألوان أو إضافات أي من عناصر الإبهار الأخرى معللة ذلك "بأنه يفقد الصورة تلقائيتها وأثرها الحقيقي الذي من المفترض أن يصل إلى المتلقي، كما أن الأبيض والأسود هما لوني الوضوح وصدق المشاعر" هذا الصدق، تحمله بلاشك كل موهبة حقيقية ومن ثم نتاج هذه الموهبة أيضا، تماما كما تفعل الصور التي تلتقطها الإماراتية ميثاء بنت خالد والتي تصنع وهي معلقة على حوائط المعارض حالة من الراحة والهدوء الخالص.     


No comments: