بعد نجاحه في المسرح والسينما والتليفزيون
المخرج العراقي باسم قهار"التليفزيون هو الأقرب إلى الجمهور"
حنان شافعي
لأنه ينطلق من وعي وطني متمرد، لم يتوقف العراقي باسم قهار عند شكل فني بعينه أو محاولة وحيدة سواء حالفها الحظ وضمنت النجاح أم لا، بل ينتقل من تجربة إلى أخرى ومن جغرافيا الأرض، حيث انطلق كمخرج مسرحي في استراليا فترة التسعينيات، ثم نجح وعرف عربيا في دمشق، إلى جغرافيا الفن عندما حرص على تثبيت قدميه بأرض المسرح الصلبة ومن بعدها ركب سجادة الفن السحرية فطافت به في السينما التجارية كممثل والوثائقية كمخرج، ثم أخيرا كانت محطته مع الدراما التليفزيونية في القاهرة حيث تم تصوير مسلسل "البوابة الشرقية" بمدينة الانتاج الإعلامي، وعرض على شاشة قناة "الشرقية" العراقية بفريق عمل عراقي خالص في مقدمتهم الممثلين هند كامل، و مناضل داوود، و على عبد الحميد، من تأليف العراقي عبد الخالق كريم وموسيقى نصير شمة.
عن تجربته التليفزيونية اللأولى قال باسم قهار "للحياة"، " في الحقيقة التليفزيون ليس وسيطا جديدا بالنسبة لي فقد قمت بأداء العديد من الشخصيات التليفزيوينة منها التاريخي والدرامي إلا أنني هذه المرة أقدم نفسي لجهور التليفزيون كمخرج وليس كممثل لأنني أومن بأن هذا الجهاز الوسيط أصبح أقرب إلى الناس من المسرح والسينما" مشيرا إلى احتفاظ فن المسرح بقيمته العالية والنخبوية في الوقت نفسه، وكذلك ارتباط السينما بجمهور له خصائص اجتماعية واقتصادية وثقافية بعينها "قد لا تتوفر لدى قطاع كبير من الشعوب العربية وبالتالي يلعب التليفزيون الدور الترفيهي والإعلامي الأول والأخطر في حياتهم".
ويضيف قهار حول تجربة "الباب الشرقي"، أنه قرر تقديم تجربة الشباب العراقي في التظاهر والتعبير عن نفسه مثله مثل الشباب العربي في دول المنطقة غير أن تجربتهم تتسم بخصوصية واضحة تتمثل في إجماع العراقيين ربما للمرة الأولى على هدف واحد نظرا لطبيعته الطائفية على حد قوله، لافتا إلى عدم وجوده داخل العراق أثناء تلك التظاهرات وبالتالي اعتبر المسلسل فرصة للتواصل مع قضايا الوطن و التظاهر عبر شاشة التليفزيون خصوصا وأن "غالبية فريق العمل ينتمون بالفعل إلى جيل الشباب الذي يعاني من تهميش الكبار له فضلا عن ضياع الدولة بين فساد وطائفية القائمين عليها".
على صعيد كرسي المخرج والفرق بين الإخراج المسرحي والسينمائي والتليفزيوني، يقول صاحب مسرحية "الأيام المخمورة" لسعد الله ونوس، أن ثمة فروق كبيرة بين دور المخرج في الحقول الفنية الثلاث من حيث إمكانية الإبداع والانطلاق الفني والسيطرة على الحالة الدرامية للعمل وكذلك استعداد الممثلين وإمكاناتهم الأدائية وقبل كل ذلك نوعية الجمهور المتلقي للمنتج المسرحي أو السينمائي أو التليفزيوني. وأكد قهار أن أفق الإبداع بالنسبة إلى المخرج قد يصل إلى قمته خلال العمل في المسرح، ثم تأتي من بعده السينما أما التليفزيون فتتقلص فيه المساحة الإبداعية للمخرج بسبب عوامل متعددة أبرزها ضغوط الإنتاج وضيق الوقت وضعف النصوص المقدمة والتعامل مع مجاميع الكومبارس المرهقة فضلا عن اختلاف عمق الرؤية الدرامية التي من المفترض أن يتم تبسيطها كي تناسب جمهور البيوت.
![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgdCiK3w-pTvdiobUbxyF8NNzQpSPmSJYd4THwRYEuZonQkaNYywIrpG1M5HlE_lOvwUpUkpry-UWWOOYbSBUsvz3-RatXwyZNLsbXCAN1PrPh74YwzmXinvNcKYI6r_WiisfACjRGcSYTn/s400/%25D9%2585%25D8%25B4%25D9%2587%25D8%25AF+%25D9%2585%25D9%2586+%25D9%2585%25D8%25B3%25D9%2584%25D8%25B3%25D9%2584+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A8%25D8%25A7%25D8%25A8+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B4%25D8%25B1%25D9%2582%25D9%258A.jpg)
من ناحية أخرى قدم باسم قهار على شاشة التليفزيون العديد من الأدوار المركبة في مسلسلات من بينها "سقوط الخلافة" عام 2010 و "هدوء نسبي" عام 2009 و "خالد بن الوليد" عام 2007، و "نزار قباني" و"الظاهر بيبرس" عام 2005 . و عن الفرق بين كونه مخرجا وممثلا قال " حينما أقف أمام الكاميرا لا أهتم بأي شئ سوى دوري وأتعامل مع زملائي الممثلين ومخرج العمل كممثل مشارك في العمل فقط، بينما حين أكون المخرج المسؤل عن العمل ككل فإني أهتم بكل التفاصيل وأحاول قدر المستطاع نشر روح الفريق في موقع التصوير بحيث يعمل الجميع بروح واحدة تنعكس بالتأكيد على الصورة النهائية لأي مشروع فني".
وبالنسبة إلى الرصيد السينمائي للعراقي باسم قهار فإن أبرز إنتاجه كممثل يأتي في الفيلم الفرنسي "كارلوس" الذي يعرض لحياة المناضل أو الإرهابي الدولي كارلوس ويقدم فيه قهار دور دبلوماسي عراقي، أما إنتاجه السينمائي الأغزر فيتمثل في إخراج أعمال وثائقية متنوعة تناقش قضايا إنسانية عامة تعكس في ثناياها الظروف الإقتصادية والاجتماعية والسياسية السائدة في الوطن العربي مثل أفلام "أحياء في المقابر" و "حشيش" و "سفير في مقهى" و "غرباء في لغة العرب". و يعلق قهار على تلك الأفلام قائلا بأن "السينما الوثائقية معادل موضوعي لحرية الإبداع لاسيما الإخراج إذ تتمتع بالتلقائية و البساطة والعمق الإنساني الذي يتجلى في أعلى وأعقد صوره في مجتمعاتنا العربية" مشيرا إلى أنه يعتبر العمل في السينما الوثائقية نوعا من الكفاح للارتقاء بالمجتمع وفضح الفساد كما أنه يتعامل معها كوسيلة لاكتشاف الذات والآخر فيما تحتاج إلى مزيد من الحرية في البلاد العربية حيث يمنع من التصوير أحيانا أو تتعرض الأفلام إلى مقص الرقيب.
يذكر أن آخر الأعمال المسرحية التي قدمها المخرج والممثل العراقي باسم قهار كانت بعنوان "أناس الليل" وذلك خلال مهرجان دمشق المسرحي ضمن فعاليات دورة العام الماضي نوفمبر 2010، وهي مقتبسة عن رواية للمغربي "الطاهر بن جلون" وبطولة رائفة أحمد و حسام سكاف و فيحاء أبوحامد، وقد لاقت نجاحا وترحيبا نقديا كبيرا.